هي أربع رصاصات أطلقت صوب رأس الأسير المحرر، مازن فقها، من قبل مجهولين حسب المعلومات الأولية، بالقرب من منزله بغزة، والرصاصات التي أصابت مباشرة رأس الشهيد، لم تعطِه وقتًا كافيًا لكي يودع أسرته أو يقول ولو كلمة واحدة، ولكن هذه الرصاصات التي أودت بحياة قيادي في أواخر الثلاثينيات من عمره، فتحت أيضًا جروحًا لأسئلة كثيرة، بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تصطادها.
السؤال الذي يلوح في الأفق بعد كل التهديدات الإسرائيلية الانتقامية الموجهة لقطاع غزة، ما الرسائل التي يريد الاحتلال الإسرائيلي إرسالها بعد هذه العملية النكراء؟ لعل الإجابة عن هذا التساؤل نقرؤها من سؤال صحفي إسرائيلي يدعى غال بيرغر فيقول: "اغتيال مازن فقها أحد كبار مخططي العمليات ضد الإسرائيليين في الضفة, ماذا سيفعل المحرر يحيى السنوار الذي خرج من الأسر مع فقها بذات صفقة التبادل، وكونهما من ذات الفصيل؟".
فلعل عملية الاغتيال الهادئ للشهيد فقها، جاء بعد انتخاب السنوار قائدًا لحركة حماس في قطاع غزة، هي بمثابة اختبار، فبدأت توجه له الأسئلة بشكل مباشر عن ماهية ردة فعله على مقتل رفيقه الأسير المحرر فقها، بظل قيادته العسكرية للقطاع؟ فالدخول بمواجهة مباشرة مع الاحتلال وقطاع غزة لم يُعَد إعماره بعد بشكل نهائي، خطوة مصيرية تحتاج إلى دراسة معمقة، وعدم الرد على عملية الاغتيال إن وثقت حماس اتهامها للاحتلال بالعملية أيضًا لن يكون مطلقًا أمرًا سهلًا على الوضع الداخلي، والطريق الثالث الذي يخرج (إسرائيل) من عملية الاغتيال ويتهم طرفًا داخليًا ستكون أم المصاعب.
أما السؤال الذي بدأ يكبر في عقل كل منتظر لموقف ولخصوصية ودقة الهدف فالأكيد وقع الجريمة في صدر السنوار سيكون ثقيلًا، لأنه فهم رسالة الجهة التي اغتالت فقها، في ساعة ليست متأخرة من مساء الجمعة، وفي منطقة مأهولة بالسكان, ولو كان المسدس كاتم صوت، فالتهديدات الإسرائيلية سابقة لعملية الاغتيال، والمناوشات مع الإسرائيليين متواصلة.
لم تعلن (إسرائيل) مسؤوليتها عن الاغتيال، ولو أن تصريح خليل الحية عضو المكتب السياسي للحركة إغلاق باب اتهام أي جهة داخلية باغتيال فقها، بقوله: "إن الشهيد فقهاء ليس له خصومة مع أحد، والأجهزة الأمنية فتحت تحقيقًا عاجلًا، والمستفيد الوحيد من عملية الاغتيال هو الاحتلال".
السيناريو المحتمل: فإذا كانت (إسرائيل) تقف فعلًا وراء عملية اغتيال فقها فلربما أرادت أن تضرب عصفورين بحجر واحد؛ الأول اختبار رد قيادة حماس بالانتقام أم الاكتفاء فقط بالإدانة، تمهيدًا لإدخال وساطات بينهم وبين (إسرائيل) ليكفوا أيدي الاحتلال الإسرائيلي عن العدوان الذي يهددون به قطاع غزة منذ أشهر والتمهيد ربما لصفقة أسرى جديدة.