فلسطين أون لاين

​أغلبها "استهلاكية"

القروض البنكية.. الخيار "الصعب" للموظف المضطر

...
غزة - صفاء عاشور

يضطر موظفون إلى الاقتراض من البنوك المحلية؛ لتوفير احتياجات شخصية أو البدء بمشروع خاص بهم، إلا أنهم يشتكون من تعقيدات قد تصعب عليهم الحصول على قروض أو سداده فيما بعد.

ويوضح هؤلاء أن الحصول على قرض من أي بنك يتطلب توفير اثنين من الكفلاء يضمنان حق البنك في سداد قيمته سواء كان ذلك من الموظف نفسه أو من أحد الكفلاء، مشيرين إلى ارتفاع نسبة الفائدة على هذه القروض، بالنسبة للموظف، الذي يعيش أوضاعًا اقتصادية صعبة خاصة في قطاع غزة حيث يفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مطبقًا.

رياض محمد (41 عامًا) هو موظف حكومي، يقول: إنه اضطر إلى التوجه إلى أحد البنوك المحلية للحصول على قرض لبناء شقة له في بيت العائلة، وكانت قيمة القرض بحدود 25 ألف دولار.

ويوضح لصحيفة "فلسطين"، أنه "لم يكن الحصول على القرض سهلًا فتوفير كفيلين يستلمان راتبهما من نفس البنك أمر صعب، والأصعب هو جعلهما يوافقان على كفالتي للحصول على هذا القرض".

ويتابع: "حصلت على القرض منذ سنة وسأبقى أسدده على مدار الخمس سنوات القادمة, إذ سيتم خصم 30% من راتبي لتغطية قيمة القرض وهو ما أثر بشكل كبير في تلبية احتياجات ومصاريف الأولاد والعائلة".

ويبين أنه كان مضطرا للاقتراض من البنك لعدم وجود أي جهة أخرى تساعده في بناء شقة له يستقل بها هو وعائلته التي أصبحت مكونة من ستة أفراد، لافتًا إلى أنه لن يعيد تجربة الاقتراض من البنوك بعد ذلك.

من جهته، يوضح الطبيب وائل سليمان (32 عامًا) من مدينة غزة، أنه اعتاد الحصول على قروض من البنوك وتكون في غالبها لشراء مستلزماته، كأجهزة كهربائية للمنزل أو جوالات لأفراد العائلة وكان آخر ما اشتراه سيارة.

ويُبين لصحيفة "فلسطين"، أنه بخلاف سهولة سداد ثمن مشترياته كالأجهزة الكهربائية والجوالات، فإن ثمن السيارة التي اشتراها من خلال قرض كان لا يقل عن 20 ألف دولار أمريكي، ما اضطره إلى تقسيط المبلغ على ستة أشهر.

ويلفت سليمان إلى نسبة الخصم من راتبه الذي لا يتجاوز 4 آلاف شيقل، وصلت قيمتها إلى 1500 شيقل، مما ترك آثارًا اقتصادية صعبة على حياته المعيشية هو وأسرته البالغ عدد أفرادها تسعة.

وأدى ذلك بسليمان إلى بيع السيارة التي اشتراها، ثم التوجه إلى البنك لسداد ما تبقى عليه من أقساط، لتجنب أي خصم من راتبه، منوهًا إلى أنه خسر من شراء السيارة عن طريق القرض البنكي نحو أربعة آلاف دولار.

6 مليارات دولار

وتعقيبا على ذلك، يوضح رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية في جامعة النجاح، مفيد ظاهر، أن البنوك الفلسطينية منحت خلال العام الماضي قروضًا بنكية بقيمة فاقت ستة مليارات دولار، منها مليار ونصف لقروض استهلاكية.

ويقول ظاهر، لصحيفة "فلسطين": "الموظف في الأراضي الفلسطينية عادة ما يكون متوسط راتبه بحدود 3.500 شيقل وعند حصوله على قرض من البنك لشراء سيارة على سبيل المثال ثمنها 120 ألف شيقل فهذا يشكل عبئا ماليا كبيرا عليه".

ويضيف: "أي التزام مالي جديد على الموظف بعد الحصول على القرض سيشكل عبئًا ماليًا إضافيًا، فلا يستطيع بعد ذلك الوفاء بالتزاماته الأخرى".

ويبين أن المتطلبات التي تفرضها البنوك لمنح الموظف القرض تحتاج لضمانات خاصة بالقروض الشخصية وفي أغلب الأحيان هذه الضمانات تعتمد على راتب الموظف وراتب كفيل أو كفيلين آخرين لهما حسابات في نفس البنك.

وينوه ظاهر إلى أن من يواجه مشاكل في موضوع القروض البنكية وسدادها يكون بسبب عدم وجود راتب منتظم في البنك، فتصبح المشكلة وقتها على الكفيل الذي تخصم قيمة القرض من راتبه.

ويوضح أن هذه العملية تسببت بالكثير من المشاكل بسبب عدم مقدرة المقترض على سداد ما عليه من دين للكفيل، وبالتالي أصبح من الصعب العثور على كفيل بسبب المشاكل الكثيرة التي حصلت بين المقترض والكفيل.

ويقول الخبير المالي والمصرفي، إنه "رغم هذه المشاكل فإن هناك إقبالا كبيرا على القروض البنكية، وذلك لأن البنك يُعتبر الطريق الأسهل للحصول على مثل هذه القروض في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية وصعوبة الحصول على المساعدات المالية من الأقارب والمعارف".

ويتابع: "كثير من الموظفين والمواطنين لا يلجؤون للبنوك إلا إذا كان في حاجة إليه رغم علمه وتأكده من أن أي التزام مالي إضافي سيمثل عبئًا ماليًا بالنسبة له وسينعكس على حياته الاجتماعية والاقتصادية بشكل سلبي، ولكن لا بديل أمامه".

ويدعو ظاهر البنوك وسلطة النقد الفلسطينية، إلى العمل على تشجيع القروض الاستثمارية لترك أثر إيجابي على الاقتصاد الفلسطيني، وذلك لأن القروض الاستثمارية تؤدي إلى زيادة الاستثمار وتخفيض البطالة وزيادة عمليات التشغيل وبالتالي زيادة الرواتب.

ويختم: "أما القروض الاستهلاكية فهي تؤثر في الشخص فقط وليس لها تأثير في المجتمع أو في الاقتصاد المحلي".