هل نحن على عتبة تبادل أسرى، أم أننا بعيدون عن العتبة؟! الحكم بالقرب والبعد يقتضي الاطلاع الوثيق على ما يجري بين طرفي التبادل. ولست أزعم هذه المعرفة. بل من عادة اللاعبين في هذا الملعب أن يخفوا ما يعرفونه، وأن يستعينوا على ما يريدونه بالكتمان. ومن ثمة يمكن القول بأن كل ما يكتب في هذا الموضوع، أو ما يصرح به، يفتقر إلى المعلومات الحقيقية الموثقة، ولكن يمكن الجزم بأنه لا بدّ من حصول عملية تبادل عاجلا أم آجلا.
طرفا عملية التبادل أمضيا في الصمت مدة طويلة، وجرت مياه كثيرة تحت جسور هذه العملية، حتى جاء وقت مناسب للطرفين للحديث في الموضوع إعلاميًّا، والإعلان عن جديتهما في الإجراءات. وهذا الإعلان دفع موضوع التبادل إلى الواجهة الإعلامية، وأدخل إلى أسر الأسرى أملا بقرب الفرج.
قرأت رسالة المعتقلين من أسرى صفقة وفاء الأحرار إلى قيادة حماس تذكرهم بالمبادئ، وأنه لا صفقة جديدة دون إعادة تحريرهم. وشعرت بأنهم قلقون خشية أن يتجاوزهم مفاوض حماس. وهذا القلق المبكر لا مبرر له، فحركة حماس هي التي شرطت على نفسها هذا الشرط، وهي لن تغادره، لأن في مغادرته ضررًا كبيرًا بها، وبرجالها.
قادة التفاوض، وقادة حماس يزنون أمور الأسرى بميزان الذهب، ولن تكون يد العدو هي العليا في عملية التفاوض، وهي بحسب علمي عملية لم تبدأ بعد، وكل ما يجري الآن هو تهيئة البيئة للبدء فيها، ربما بعد تشكيل العدو لحكومته.
حماس ربما تكون جاهزة لمفاوضات غير مباشرة في هذا الموضوع من غد، ولكن العدو ما زال يتلكأ، ويحاول الابتزاز، والتجارة. وجدير بحماس أن تخاطب أسراها، من صفقة الأحرار وغيرهم، بما يحفظ الثقة بينهما، لا سيما أن عدونا يعمل على تحطيم هذه الثقة، ويبعث رسائل مثبطة للروح المعنوية، من خلال عقاب الأسرى، ونزع ثقتهم بقادة الحركة.
حماس تملك الجاهزية التامة للمفاوضات، وقد صرح بعض قادتها في غزة أنهم يفحصون مدى جدية العدو في تصريحاته، وأنهم جاهزون لتقديم معلومات حياة أولية بثمن، كإخراج النساء والمرضى. وقد حدث مثل هذا في صفقة شاليط.
المهم هو استبقاء الروح المعنوية عالية، واستبقاء الثقة العالية بالقادة الذين يديرون هذا الموضوع الحساس المعقد. ولست أدري هل ساعدت كورونا على إخراج الموضوع إلى السطح، أم أن الأمر له علاقة بمفاوضات تشكيل الحكومة الصهيونية؟! هذا البعد لا يعنينا كثيرا، وما يهمنا ويعنينا هو خدمة أسرانا وتحريرهم مهما اختلفت الظروف.