تأبى غزة التراجع عن مشهد قيادة المقاومة متصدرة العملية النضالية لإطلاق سراح أسرانا القابعين خلف قضبان العدو الصهيوني، لا تفصلنا إلا أيام قليلة عن يوم الأسير الفلسطيني 17/4 من كل عام، حيث أعلنت حماس استعدادها لمقارعة العدو الصهيوني لإنفاذ عملية تحرير إنسانية خاصة بأسرانا المرضى وكبار السن وحرائرنا، مغلِّبة كرامة الإنسان على كل اعتبار فئوي في زمن عزت فيه حقوق الأسرى والإنسان، بذلك تؤكد المقاومة وعلى رأسها يحيى السنوار مجددا عمق انتمائهم لهذه الشريحة المناضلة، وأنهم يبذلون كل الجهد لتحقيق وعدهم بتبييض السجون الصهيونية، مؤكدين أهمية الإنسان الفلسطيني، أساس الثورة ولا يجوز التفريط أو المتاجرة بمعاناة أسرانا.
جميع القوى السياسية الفلسطينية والتنظيمات تعلم جهدها في هذا الميدان، ليَعلَم شغيلتُنا السياسيون أن شعبنا واعٍ ويستطيع التمييز بين التاجر والمقاوم، وبين البوق الإعلامي والعمل الثوري الميداني!!
غزة ومقاومتها تؤكدان دائما ان قضية الاسرى ثابت من الثوابت الثورية الفلسطينية وليست عملا موسميا أو استثمارا سياسيا او استغلالا تنظيميا.
• منذ 13عام تمضي ليالي غزة واهلها دون ان يغمض لهم جفن، يتمدد الشخص منهم لينام فتطارده صور المحاصِرين لقطاع غزة، فتثور النفس كالبركان، وحين يرى ما لا يرضيه تحاصره اسئلة كثيرة، فغزة واهلها يؤمنون بالحديث القائل: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده... إلخ)، ايمانهم هذا دفعهم نحو ممارسة الحق بالديمقراطية والصراحة بالنقد والنقد الذاتي ما أوقعهم في مشاكل عدة مع الخصوم السياسيين ومقاومة الاحتلال الصهيوني لتحرير الانسان والارض وهذا لن يتحقق بسهولة لأن الغربان المحيطة بالوطن كثيرة وغزة واهلها لا يعرفون النفاق ويعانون من تجني الغربان بالداخل والخارج.
خروج أول دفعة سالمة صحيا من حجر كورونا كزفة عريس والناس مشروحي الصدر بغزة هي الحقيقة الوحيدة التي تُثبت أن غزة نظيفة طاهرة متعافية صحياً وثورياً رغم حياة الكفاف!! في حين العالم الأول عالم الحرية يغرق بفشله بالتحدي الصحي لفيروس كورونا.. لم نكن نعلم أنَّ محاولة عقابك بالحصار والعزل عن العالم هي جائزة كبرى لسكانك وكرم لصبر أهلك على ظلم عالم برجوازي حقير ومجرم لا يعرف معنى كرامة الانسان، وهو عبد لآلة الانتاج مدعياً الطهارة والحضارة وهو قمة القذارة الصحية والأخلاقية باعتراف كل اجهزة العالم الحكومية والاعلامية!
كل العالم يرقُب قدميك يا غزة وأنتِ تُدافعين عن اهلك صحيا بعد نجاحك بالميدان وأنتِ تمقُتين كل المسؤولين المتقاعسين في ميدان الوقاية الطبية مّمن تخلف عن مساعدتك، كل ذنبك يا غزة أنكِ لا تَكذبين ولا تتملقين، فإذا انتقدتِ المتسترين والمقصرين فأنتِ رجعية دينية، وإذا انتقدتِ مروجي الإشاعات والانحلال فأنتِ ملعونة من أدعياء المجتمع المدني _عربا ومسلمين_.
• غزة واهلها يؤسسون حقيقة الانسان وكرامته ووجوده! غزة واهلها يحاولون الاجابة عن اسئلة كثيرة في ذهن المجتمع الفلسطيني، العلاقات الانسانية، هل هي موجودة حسب الأصول لإرساء السلم الاجتماعي؟ أم انها مشجب يستغله اصحاب المصالح لكسب مطامعهم؟ ام ارضاء للوحش الكامن في النفوس المريضة المتلبسة لأجساد الغربان بغزة ومحيطها؟
العلاقات الانسانية بمجتمعنا يجب ان تُتوج بالأخلاق والصدق والاخلاص بالعمل في زمن الحاجة الماسة للتكافل الاجتماعي وإلا حياتنا أشبه بمستنقع كريه الرائحة سيختنق الجميع منه، للأسف الشديد أفراد المجتمع يخشون بعضهم أكثر من خشيتهم الله، لأنهم تحولوا لعبيد المال وشهوة المنصب والحكم.
انسان غزة المقاوم سيزرع المستنقع بأشجار من نوع جديد وسيُزيل قاذوراته، لن تهرب غزة من مواجهة العدو الصهيوني ولن تكون سلبية وسلوكنا بالميدان الصحي الأخير يُثبت ذلك رغم الغل والحقد والحسد، عنواننا واضح، برنامجنا واضح، نهجنا واضح وسلوكنا يؤكد سعينا لتحرير الانسان ثم الانسان.