فلسطين أون لاين

صفقة التبادل

كل ما سمعناه عبر وسائل الإعلام عن صفقة الأسرى أن قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار وضع الكرة في ملعب نتنياهو الذي جاء رده في ظل انتشار وباء كورونا، قائلًا إنه "جاهز لتحريك سريع للملف عبر وسطاء"، ودعا نتنياهو إلى إجراء حوار فوري عبر وسطاء بشأن الجنود الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة حماس في غزة.

صفقة تبادل الأسرى لربما تواجه عقبات بسبب الشروط التعجيزية التي يفرضها نتنياهو كلما جرى الاقتراب من التوصل إلى اتفاق في هذا الخصوص، محاولًا الحصول كعادته على أي تنازلات أو مكاسب يقوى بها رصيد حكومته الهشة، ويكون بذلك قد ضرب عصفورين بحجر واحد؛ الأول هو حفظ ماء وجهه بسبب قضايا الفساد والثاني، تقوية موقف حزب الليكود بطابعه الحرج لتراجع شعبيته أمام الأحزاب الأخرى المنافسة خاصة محاولته الالتفاف على حزب "أزرق أبيض" لتشكيل الحكومة كما فعل سابقا مع "كاديما" و"إسرائيل بيتنا" لجره إلى حكومته.

المهم هنا ليس الحديث عن مصالح نتنياهو وحزبه وإنما الحذر كل الحذر من ألاعيبه ومراوغاته بهدف تحقيق مكاسب سياسية وأقصد الالتفاف على الصفقة بتحويلها من صفقة تبادل إلى صفقة مبعدين، كذلك عدم الإفراج عن أسرى القدس والأراضي المحتلة عام 48 ضمن صفقة التبادل هذه لإرضاء الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تشكل الأساس لحكومته الائتلافية.

هذا الأمر يجعلنا حذرين فلربما يريد نتنياهو أن يضلل الفلسطينيين مرة أخرى بإقناعهم تقديم الأمن الإسرائيلي على حساب الهوية الفلسطينية أي تزيين لهم مبدأ الإبعاد كأمر واقع بدلًا من البقاء في المعتقلات الإسرائيلية. وهذا الخطأ التي وقعت فيه السلطة الفلسطينية سابقًا، عندما وافقت على إبعاد محاصري كنيسة المهد في بيت لحم في مايو 2002م (عددهم 39 مناضلًا)، سواء إلى قطاع غزة أو إلى الخارج، نفس الشيء زُين لها أمر الإبعاد بدلًا من محاصرتهم والخوف من أن يؤدي الأمر إلى اعتقالهم، ولم تتدارك آنذاك المخاطر الآنية والمستقبلية التي قد تترتب على هذه الخطوة التي في اعتقادي أخطر من الاعتقال، وكلنا يَذكُر تكرار نفس الحادثة في ديسمبر من نفس العام عندما أقدمت دولة الاحتلال بإبعاد المواطن كفاح وشقيقته انتصار العجوري من مكان إقامتهما في مخيم عسكر للاجئين بنابلس إلى قطاع غزة، فالمبعدون ما زالوا يواجهون ظروفا صعبة في منافيهم.

لقد مررنا بتجارب عديدة بما يخص الإبعاد والنفي ومن بينها المبعدين الفلسطينيين إلى مرج الزهور بجنوب لبنان والذي كان تعدادهم 416 ناشطًا من حركتي (حماس والجهاد الإسلامي) بتاريخ 17/12/1992م، والذين رفضوا سياسة الإبعاد والتهجير التي كانت تهدف من ورائها دولة الاحتلال وأصروا على الرجوع إلى فلسطين متحملين الجو القارس والظروف السيئة التي قضوها خلال تلك الفترة، حتى أحدثت هذه القضية ضجة عالمية وإدانة دولية حيث أقدم مجلس الأمن الدولي على إصدار قراره رقم 799 والذي يدين تصرف (إسرائيل) ويطالبها بالتكفل بإرجاع جميع المبعدين، حيث وصف هذا القرار (إسرائيل) بأنها تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية جنيف لسنة 1948م، حتى أُجبرت دولة الاحتلال للإذعان للمطالب الدولية بإرجاع جميع مبعدي مرج الزهور... وهذا ما يريد تكراره الفلسطينيون اليوم؛ عودة كل فلسطيني إلى مسقط رأسه عند أهله وذويه، وهو أمر يمكن تحقيقه بعزيمة الرجال الصامدين في ميادين الجهاد حتى تحقيق وعدهم بالإفراج عن أسرانا من سجون الاحتلال.