الطلة الإعلامية التي ظهر فيها قائد حماس في غزة يحيى السنوار كان لا بد منها في ظل أزمة "كورونا" التي ضربت المنظومة العالمية، والتي بلا شك ستتأثر بها غزة شئنا أم أبينا، وقد أحسن من قرر وأعد ونفذ هذا اللقاء المفتوح مع النشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الرجل الأول في غزة ليضع المواطن في صورة الإجراءات لمواجهة هذا الوباء وتوقعات المستقبل.
بدا الرجل هادئًا عفويًّا كعادته، يتحدث بلغته الشعبية البسيطة التي يصل مفهومها بتلقائية إلى ذهن المواطن، لغة الجسد كانت حاضرة في حركات اليدين والإشارات وإيماءات الوجه ونظرات العيون، ووقفته الوطنية الإنسانية عندما وصلت رسالة من والدة الأسرى عثمان ومعاذ بلال.
في المضمون أجاب عن كل تساؤل طرحته الجماهير عليه حول "كورونا" والواقع السياسي وكل قضايا الساعة، بيد أن قضية الأسرى سيطرت على جوانب عديدة من اللقاء، وذلك طبيعي فهو أسير قضى أكثر من ربع قرن في سجون الاحتلال، وللتأكيد أيضًا أن الأسرى على سلم أولويات حماس.
الظهور الإعلامي كان في وقته المناسب، بل ربما تأخر قليلًا، فالرأي العام دومًا ينتظر حديث ورؤية القائد في أوقات الأزمات، ليعرف ما الذي جرى؟ وأين ذاهبون؟ وبالطبع القائد يستمع للجماهير بوعي وقلب مفتوح لكنه يقود الجماهير، لا يخضع للعاطفة ولا يعمل بمنطق ما يطلبه المشاهدون، إنما العمل وفق دراسة وبحث وتخطيط ورؤية واضحة لا سيما وأنه يقود حالة استثنائية هي غزة المحاصرة منذ أكثر من 14 عامًا، العصية على الكسر رغم الحروب الإسرائيلية الشرسة عليها.
وضع السنوار المواطن في غزة في أدق تفاصيل إجراءات مواجهة "كورونا"، وأجاب عن أسئلتهم مباشرة دون مواربة بلغة وطنية جامعة، وأعطى كل مجتهد حقه من الثناء والتقدير من المواطن ووزارات الصحة والداخلية والتنمية الاجتماعية وأصحاب المبادرات والقطاع الخاص وغيرهم.
أبناء الضفة المحتلة كانوا حاضرين بقوة في لقاء السنوار، وهو ينصح لهم ويدرك حجم المخاطر التي تهددهم من "كورونا" لطبيعة الجغرافيا ومئات آلاف العمال داخل الخط الأخضر، ولم يغِب اللاجئون في لبنان عن اللقاء، وتحياته وتقديره لهم ولمعاناتهم الصعبة في الشتات وقدرتهم العالية على الصمود.
وسجل السنوار موقفًا إنسانيًّا في تضامنه مع شعوب العالم أمام وباء "كورونا"، ورد للاحتلال ابتزازه بقوة وحنكة عالية، وأعاده إلى "التوراة" ليفهمها جيدًا، ويحذر من غضب غزة، كل ذلك دون أن يغفل المشروع الوطني والإعداد الذي لا يتوقف لأجل ساعة التحرير.
أعتقد أن رسائل السنوار وصلت للرأي العام ولامست هموم الجماهير وتطلعاتها ورفعت من معنوياتها، وأيضًا وصلت للاحتلال رسائل واضحة حازمة ستجبره على التفكير مليًّا في آليات التعامل مع غزة حتى في ظل "كورونا".
لدي ملاحظات فنية حول خلفية الصورة ومدة اللقاء وغيرها، لكن ذلك لا يمس باللوحة الجميلة التي ظهرت، فقد كان اللقاء فكرة جديدة وجميلة ومميزة تستحق الإشادة، جميل أن تتكرر بين الفينة والأخرى وتضع المواطن في صورة التطورات بمصداقية وشفافية عالية.