مجدداً، ألقى قائد حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، الكرة في ملعب الاحتلال الإسرائيلي للإفراج عن الأسرى، كمبادرة إنسانية، في ظل تفشي فيروس "كورونا" عالميا.
وتثبت المبادرة التي أطلقها الأسير المحرر في صفقة تبادل سابقة، وفق مراقبين، أن قضية الأسرى تقف على سلم أولويات حركة حماس والمقاومة الفلسطينية،
وقال هؤلاء إن مبادرة السنوار بمثابة "تحريك المياه الراكدة في ملف الأسرى".
وقال السنوار، خلال لقاء تفاعلي على قناة الأقصى مساء الخميس، "يمكننا أن نقدم تنازلًا جزئيًا في موضوع الجنود الأسرى لدينا مقابل إفراج الاحتلال عن الأسرى كبار السن والمرضى كمبادرة إنسانية في ظل أزمة كورونا".
حبيب: المبادرة كـ"فيديو شاليط".. و"كورونا" نقطة انطلاق
وعد الخبير في شؤون الأمن القومي إبراهيم حبيب: مبادرة السنوار، خطوة مهمة على طريق تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال في ظل جائحة "كورونا".
وأضاف حبيب لصحيفة "فلسطين": الاحتلال يدرك أن ثمن تحرير الأسرى باهظ، متوقعًا أن تكون أزمة "كورونا" مخرجا للجميع للانطلاق نحو صفقة جديدة لتحرير الأسرى الفلسطينيين مقابل جنود الاحتلال الأسرى لدى المقاومة بغزة.
ورأى أن مبادرة السنوار، وتقديمه تنازلا جزئيًا في ملف الجنود الأسرى، بمثابة إظهار صورة حية عن الجنود الأسرى لدى كتائب القسام، لافتة إلى أن هذه المبادرة على غرار فيديو الجندي جلعاد شاليط، الذي أفرج الاحتلال -عقب مشاهدته- عن 25 أسيرة فلسطينية، مقابل الفيديو الذى لم يتجاوز دقيقة واحدة تثبت أن الجندي شاليط على قيد الحياة.
وذكر حبيب أن السنوار أراد أن يكرر نفس التجربة ويستثمر الظرف الإنساني الصعب في مواجهة "كورونا" لدفع الاحتلال لإبرام صفقة تبادل، لافتًا إلى أنه في الأيام القادمة وفي حال تفشي الفيروس في دولة الاحتلال ستلجأ الأخيرة إلى إبرام الصفقة.
فروانة: ستُحدث حراكًا جادًا في ملف التبادل
وأشاد الباحث في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة، بمبادرة السنوار، مشيرًا إلى أنها أحدثت حراكًا مهمًا داخل دولة الاحتلال.
وذكر فروانة، في تصريح، أمس، أن المبادرة تحمل أبعادًا إنسانية وتعكس قلقًا على حياة الأسرى الفلسطينيين وحرصا عليهم، وهي خطوة مهمة جدًا في الظرف الراهن.
ورأى أن المبادرة تأتي استكمالًا للجهود السياسية والقانونية والحقوقية والإعلامية التي بذلت وتُبذل لأجل إنقاذ الأسرى وحمايتهم من خطر "كورونا"، لكنها ربما تكون الخطوة الأهم من وجهة نظري، في ظل غياب تأثير المؤسسات الدولية واستمرار الاستهتار الإسرائيلي وعدم التجاوب مع تلك الجهود.
وأشار إلى أن مبادرة السنوار "أحدثت حراكًا تفاعليًا وحواريًا كبيرًا لدى الأوساط الإسرائيلية، السياسية والأمنية، وتصدّرت اليوم عناوين وسائل الاعلام العبرية المختلفة".
وقال فروانة: "أعتقد جازمًا أن مبادرته هذه ستُحدث حراكًا جادًا في ملف الأسرى، وقد تُحدث اختراقًا مهما للوصول إلى تفاهمات جزئية، كما وستكون مهمة نحو معالجة قضايا ذات مصالح مشتركة لدى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي"، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن "ما يمكن أن يتحقق في المدى القريب سيشكل أساسًا لحوارات أشمل تتعلق بعدة قضايا، منها إتمام صفقة تبادل شاملة (وفاء الأحرار2) في وقت لاحق".
الناعوق: دليل حرص المقاومة على حياة الأسرى
من جانبه، قال المتحدث باسم جمعية واعد للأسرى والمحررين منتصر الناعوق: إن مبادرة قائد حماس، بمثابة إلقاء الكرة في ملعب الاحتلال لإطلاق سراح الأسرى كبار السن والمرضى.
وأوضح الناعوق لصحيفة "فلسطين": أن المبادرة تشكل بارقة أمل وتحريك للمياه الراكدة في ملف الأسرى واختبارا حقيقيا للاحتلال وفحص مدى جديته في إبرام صفقة تبادل أسرى في ظل جائحة "كورونا".
وأكد الناعوق أن المبادرة تدلل على حرص المقاومة الفلسطينية على تحرير الأسرى، وأن قضيتهم على رأس سلم أولوياتها، داعيًا الوسطاء لالتقاطها والضغط على الاحتلال للعمل على إنجاحها وتحرير الأسرى.
من جهته، أشاد وكيل وزارة الأسرى بغزة بهاء المدهون، بالمبادرة الإنسانية التي قدمها السنوار، بتقديم تنازل جزئي في قضية الأسرى.
وأكد المدهون، في تصريح، أمس، أن ما صرح به السنوار، يؤكد مدى تجذّر قضية الأسرى وأهميتها لدى حركة حماس وفصائل المقاومة، وأن تحرير الأسرى يتصدر سلم أولوياتها، وأن الثقة والآمال التي يعقدها الأسرى عليهم ثقة في محلها.
وبين أن "الكرة الآن في ملعب حكومة الاحتلال" المطالبة بالاستجابة لهذا العرض والإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن الذين يتهددهم المرض والفيروس.
نافذة فرص
في المقابل، قالت مصادر سياسية وأمنية إسرائيلية إن تصريحات السنوار، حول مسألة التقدم في صفقة تبادل، "قد تفتح نافذة فرص للتقدم بمسألة استعادة الأسرى من قطاع غزة".
ونقلت صحيفة "معاريف" العبرية عن المصادر قولها، أمس، إن التصريحات جاءت في الأساس ردًا على تصريحات سابقة لوزير الجيش نفتالي بينيت التي قايض فيها إدخال المساعدات الطبية للقطاع بالتقدم في مسألة استعادة الجنود الإسرائيليين قائلًا: نحن منفتحون على أفكار كثيرة".
وبينت أن "وراء هذه الكلمة نقاشات عقدت مؤخرًا لدى المستوى السياسي– الأمني حول أفكار بخصوص التقدم في مفاوضات استعادة الأسرى".
وأشارت "معاريف" إلى أن الفكرة المركزية تتمثل بمحاولة تحريك المفاوضات عبر رزمة مساعدات إنسانية وغيرها من بوادر حسن النية سعيًا للتقدم في هذا الملف.
ونقلت عن تلك المصادر قولها إنه بالإمكان محاولة السير قدمًا في خطوات على أمل شق الطريق بمسألة استعادة الأسرى ضمن نافذة الفرص الحالية التي ستبقى مفتوحة طالما لم ينتشر الفيروس في القطاع.