أكدت تصريحات قائد حماس في غزة -الجمعة- حول احتمالية وقوع حرب أو جولة تصعيد جديدة بمبادرة من الفصائل الفلسطينية بغزة في حالة عدم قدرة منظومات غزة الصحية على مواجهة وباء الكورونا بسبب الحصار الخانق، أكدت تقديرات أمنية إسرائيلية سابقة بترجيح عودة حماس لإطلاق صواريخ والتصعيد على حدود القطاع، فهل أصبحت الجبهة الجنوبية ومسألة التصعيد والتهدئة خاضعة لفيروس الكورونا وتداعياته؟ وكيف أحكمت الفايروسات سيطرتها على المنطقة والعالم؟
تبدو أسئلة الكورونا السياسية أكبر بكثير من تلك الصحية، فقد تفعل الكورونا ما لم تنجح في فعله الصواريخ والقاذفات وكل أساليب النضال العسكري، فتجبر (إسرائيل) على الخضوع لمطالب المكافحين في غزة بالكامل في إطار المستلزمات الصحية والطبية، فهذا واضح، أما المحتمل والمعقول شريطة المزيد من الجدّ والإبداع فهو اضطرارها للخضوع لمطالب شرعية أخرى في مجال تخفيف الحصار وإطلاق سراح الأسرى.
ففرصة الكورونا حقيقية رغم محاولات بينت السخيفة والمكشوفة لاستخدامها سياسياً وتحديدا لإرضاء جمهوره القومي الديني المتطرف على شاكلة عائلة الضابط القاتل الأسير في غزة.
من الواضح أن مبادرة حماس لصفقة محدودة يتم من خلالها إطلاق سراح أسرى كبار ومرضى ونساء مقابل تنازل جزئي قد يكون على شكل معلومات أو ما شابه ذلك، هي إدراك سليم لفرصة الكورونا أو بشكل آخر لمدى خطورة تفشي الوباء داخل السجون، مما يعرّض فئات من الأسرى لخطر الموت الحقيقي، فإن نجحت المبادرة فبها ونعمت وإن لم تنجح فقد أعذرت المقاومة وليس هذا هو المطلوب والمقصود وطنياً وأخلاقياً، بل استمرار وتصعيد وتطوير الضغط لإنجاح المبادرة وهذا هو الواجب والمفضل.
لا يمكن لدولة الاحتلال على الأرجح أن تسمح باندلاع جولة تصعيد جديدة مع غزة في ظل الكورونا وستبذل كل جهودها لتجنب ذلك، لذا فقد لا تتوفر فرصة كهذه لغزة المظلومة بأن تطالب وتصر على أبسط حقوقها في فكّ الحصار والعيش بكرامة، والتوضيح للملأ أن التصعيد قادم مما سيضع الاحتلال (الابن المدلل للمنطقة والنظام العالمي) ولأول مرة بهذا الشكل بين مطرقة الصواريخ والملاجئ وسندان الكورونا.
وهكذا يعني الانتظار دون الاستمرار في المبادرة تردداً وتضييعاً للفرص "ادخلوا عليهم الباب".