أثبتت جائحة كورنا أن التخطيط الأوربي الأميركي كان فاشلا. هم متقدمون في صناعة السلاح والاقتصاد، ولكنهم فاشلون في بناء الإنسان ورعايته. وهذا سنعود له في مقال قادم إن شاء الله، والآن نقول إن دولة الاحتلال التي رضعت التخطيط والرؤية من أوربا وأميركا هي فاشلة مثلهما. وإن أي حضارة يبنيها الإنسان على المادة تؤول الى الفشل، عاجلا أم آجلا.
دولة نتنياهو التي سجلت فشلا ذريعا في مواجهة فايروس كورونا، حتى دخل رئيس وزرائها، ووزراء منها إلى الحجر الصحي، لا تجد ما يكفيها من أجهزة التنفس الاصطناعي لعلاج الحالات المصابة. ومع أنها تعلم أن غزة لا تملك هذه الأجهزة، وأن تفشي المرض لا سمح الله في غزة لن يقف عند غزة، بل سينتقل إليها بشكل أو آخر، فغزة كالضفة ترتبط في طعامها ومستلزمات الحياة والصناعة والتجارة. هذه الدولة الناجحة عسكريا، فاشلة صحيا وأخلاقيا.
ولعل من أوقح مظاهر الفشل ، والتدني الأخلاقي، أن يربط وزير الدفاع عندهم( بينت) الأجهزة بآلية مقايضة رخيصة بين تزويد غزة بأجهزة التنفس الاصطناعي، وبين إطلاق الأسرى اليهود عند حماس؟! هذا كان خلطا عجيبا وغير متوقع، لأننا كنا نحسب أن عندهم بعض الأخلاق، وبقية من الإنسانية في تحمل المسئولية، بصفتهم دولة احتلال.
نعم تبين لنا وللعالم كله أن دولة ( إسرائيل) بلا إنسانية وبلا أخلاق. تقول لهم غزة نريد أجهزة تساعد في علاج الحالات المصابة، فيردون نريد الأسرى أولا؟!
أما يعلم بينيت وغيره أن الأسرى بالأسرى. أي لا يخرج أسراكم إلا بخروج الأسرى الفلسطينيين، في صفقة تبادل. المال، والأجهزة، والقصف، لا يحلون موضوع الأسرى البتة. نتنياهو يعلم هذا، وبينيت يعلمه، وكل مستوطن يعلمه. الطريق واضح ولا مزايدات في هذا الطريق الواضح.
الأجهزة موضوع آخر، وقاعدته قانونية دولية، تقول على المحتل للغير تحمل مسئوليات من هم تحت الاحتلال في كافة مستويات الحياة، ومنها الصحة، والرعاية الصحية ومستلزماتها. وعليه يجب وجوبا على دولة الاحتلال التي تحاصر غزة أن تزود مستشفيات غزة بأجهزة التنفس الاصطناعي. ومن ثمة قال قائد حماس في غزة إنه سيأخذها ( خاوة) أي بالصواريخ اذا لزم الأمر وتفشى الفايروس لا سمح الله. فالواجب له آليات تطبيق.
الدولة المادية، والدولة العسكرية، دولتان فاشلتان، ولا تخدمان الإنسانية، ولا تقيمان حضارة تحترم الإنسان، فكيف اذا ضممنا إلى هاتين الصفتين في الدولة الفاشلة صفة الاحتلال، وغياب الأخلاق والمسئولية. غزة لن تصمت على الابتزاز، ولن تقبل به البتة. والأجهزة تخضع لمفهوم الواجب الدولي على الدولة المحتلة. والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.