بريشته جعل الحجر الصحي مسرحًا للإبداع، وأطلق العنان لموهبته من وسط غرفته في مدرسة "رودلف فالتر" في دير البلح للحجر الصحي، فقد تخطت رسومات الفنان الفلسطيني د. خالد نصار حدود مراكز الحجر لتستفز تحليلات المتابعين حول ماهية الرسمة ورسالته منها.
مع كل صباح جديد، يفرد نصار لوحته البيضاء، يغمس أصبعه بالألوان، ويغوص بينها وقتا ليخرج لك لوحة فنية غير مألوفة، بألوان زاهية، وفي رسومات تعبيرية أخرى ترى دقته في رسم شبان يلقون حجارة على جنود الاحتلال، ورسومات عن الأسرى.
بعد أن قطع نصار سفره إلى مصر لحضور حفل تكريم دولي، عاد إلى القطاع ووضع في الحجر الصحي، وما إن استقرت الأمور داخل الحجر بدأ تفكيره يتجه إلى ما يهواه ويبدع فيه، يقول: "بدأت بالتفكير أن يكون لي دور فعرضت على المسؤولين عن المركز من أفراد الشرطة الفلسطينية، أن أرسم لوحات، وفي النهاية نقيم معرضا، فوفروا لي المواد الخام والآن أنهيت رسم 15 عملا فنيا، بالإضافة لأعمال أخرى قدمتها كهدايا لآخرين لرفع روحهم المعنوية".
تدور رسوماته الحالية بالحجر الصحي حول شيء واحد، مضيفا: "حاولت في رسومات عدة إظهار فيروس "كورونا" كوحش ليس له معالم يريد أكل الأخضر واليابس، ومجموعة أعمال أخرى تمثل توجيهات للمحافظة على سلامة الأهل ولوحات توعوية أخرى، تحمل رسالة لمن هم خارج الحجر أننا هنا كي نحافظ عليكم وأنتم في البيوت، وأننا نتحمل مشقة الحجر لأجل سلامتكم في البيوت".
في زاوية غرفته بمركز مدرسة "رودلف فالتر" حوّل نصار غرفته مسرحا ومزارا للمحجورين، ثم يلتقط لها صورة وينشرها على صفحته الشخصية على "فيسبوك"، في جعبته كلام عن أسلوبه: "هذا أحد أساليبي، أحيانا أرسم رسومات تراجيدية وأحيانا تعبيرية واقعية، العالم يعرفني من لوحاتي وشاركت بالعديد من المهرجانات وفزت بجوائز عديدة".
الغريب أنه اكتشف موهبته حينما طرق الأربعين عامًا .. تغافله ضحكة سبقت تفسيره، قائلا: "الحقيقة لا أعرف السبب، لكن حققت إنجازات لم يحققها من بدؤوا في سن صغيرة".
اكتشاف الذات
في إحدى زوايا مطبخها .. بحركة دقيقة ترسم الإعلامية خولة الخالدي خطوطا سوداء تحدد ملامح لوحتها على طبق أبيض، وبينما تتركها بضعا من الوقت كي تجف، تنشغل هي بإعداد الطعام أو إقامة برامج ترفيهية وتفاعلية مع أطفالها، ثم تعود لتلون رسوماتها، وبذلك حولت أطباق المنزل للوحات تنطق بموهبة كانت غائبة عنها.
خريطة فلسطين بألوان العلم بداخل طبق أبيض رسمتها بأناملها وأرفقت بجوارها نصا على صفحتها: "فلسطين في روحي ودمي"، "بابا سنفور" يرتدي قبعة حمراء بجسده الأزرق ويمسك يد زوجته ذات الشعر الأصفر والقبعة البيضاء، وهي تمسك بيد سنفور آخر، كانت رسمتها للسنافر، رسمت كذلك فراشة، و"ميكي ماوس"، وزخارف إسلامية ومناظر طبيعية.
"صراحة الرسم موهبة قديمة كنتش أمارسها بعد ما تزوجت ورزقت بأربعة أطفال" .. تبدأ خولة - وهي بالمناسبة مذيعة ومقدمة برامج إعلامية - حديثها لصحيفة "فلسطين" بالاعتراف السابق، وتقول: "بعدما أصبحنا في حجر منزلي، وطالت فترات الراحة عن الفترات المعتادة، أصبح لدي قرار بالرسم، سابقا كنت أرسم بألوان الفحم على الورق التقليدي، لكن الرسم على الزجاج استوحيته من متابعتي الإعلامية لأعمال فنية عديدة".
"كان عندي فضول أعيش التجربة وأجرب الرسم" .. وبهذا قررت خولة أول تجربة بعدما اشترت الأدوات المطلوبة، ابتسامتها هنا "عبر الهاتف" سبقت شرحها: "تجاوزت صعوبات البداية، ثم بدأت بالرسم تلبية لطلبات أبنائي وزوجي، رسمت السنافر بما تضمنته من تفاصيل كثيرة، وكبرت الفكرة ورسمت مناظر طبيعية وزخارف إسلامية ومعمارية، والآن رسمت 12 قطعة على أطباق "البورسلان".
"ما كان يوقفنا ويمنعنا هي الإرادة الداخلية؛ لكن الحجر المنزلي كشف الغطاء عن مواهبنا في الرسم، بالتالي الفشل الحقيقي هو عدم التجربة (..) كل إنسان لديه مجموعة من الأسرار والرسائل، الأهم أن نكون أشخاصا إيجابيين، ويمكن أن نتقرب إلى أطفالنا بالرسم" وهكذا اكتشفت خولة نفسها.
هواية "أسماء" المفضلة..
انقض المهرجان الأدبي لشاعرة العرب، وتحركت حسناء والخنساء للعودة، كانت الخنساء صامتة تقود خيلها في هدوء في حين كانت حسناء تتصيد الفرصة للحديث مع الخنساء حتى استجمعت كلماتها وقالت أخيرًا: "ولكن لديَّ سؤال واحد فقط.." ودون أن تلتفت قالت: "أفصحي...".
حسناء: "لماذا غطيت وجهك في المهرجان الأدبي؟... إنك جميلة و..."
قاطعتها قائلة:
" أريد أن ينال شعري استحسانه لجماله لا لجمالي، وإلا سأكون مخدوعة بأي مديح يأتي لشعري، أما الآن فلا يساورني شكٌ بفصاحة أشعاري..."
أوقف خيلها والتفت إليها وتلاقت عيناهما وأكملت قائلة:
" أضعف النساء من تستند إلى جمالها، وأفقرهن من تملك الجمال فقط، ابحثي عن قيمتك الحقيقية بعيدًا عن الجمال، فكل النساء جميلاتٌ يا حسناء..."
ثم التفتت وحثت خيلها على المضي، وما إن وصلت حسناء إلى هذه القناعة حتى بدأت تتساءل بعمق:
"ولكن ما هي القيمة الحقيقية لي أنا..؟".
النص السابق جزء من سلسلة قصصية لتوعية الفتيات حول أشراف النساء المؤثرات في التاريخين العربي والإسلامي بطريقة تجميع بين الترفيه والثقافة التاريخية والعلمية، تعدها الكاتبة الغزية أسماء أبو تيلخ، منحها الحجر المنزلي فرصة لتقديم شيء كي تقضي الأمهات وقتًا مفيدًا وتثقيفيًا مع أبنائهن.
كتابة القصص سمحت لأسماء بالتأقلم سريعًا، إذ كانت على اطلاع ومعرفة بأدوات العمل، تقول: "وجدتُ في الحجر المنزلي المزيد من الوقت والفرصة للتركيز على مشاريعي ككتابة القصص والروايات.
"أكتب كذلك سلسلة توعية للأهالي والأمهات بالذات حول فيروس كورونا واقتراحات وحلول لقضاء أفضل الأوقات في الحجر الصحي مع الأبناء (..) وهنا أنصحُ الجميع بالقراءة والاطلاع واستثمار الوقت كل حسب مهارته ووقته".
ساهمت أسماء سابقا في نشر سلسلة قراءة قصص ما قبل النوم عبر الإنترنت للأمهات لمساعدتهن في أنشطة ترفيهية بديلة مع مستجدات الظرف الصحي، ثم سلسلة قصص أنا عربي التي لاقت إقبالًا كبيرًا ومشاركة من مختلف الدول على موقع يوتيوب.