ثمانية عشر عامًا مضت على العملية العسكرية الواسعة التي أطلق عليها الاحتلال "السور الواقي"، وشملت كافة مدن الضفة الغربية، لاستئصال المقاومة والعمليات الاستشهادية.
انطلقت العملية العسكرية بعد تصاعد انتفاضة الأقصى ضد الاحتلال واشتداد وتيرة العمليات الاستشهادية التي كان آخرها عملية فندق "البارك" البطولية والتي نفذها الاستشهادي عبد الباسط عودة في قلب مدينة "نتانيا" المحتلة، وقبل ذلك اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي زئيفي رداً على اغتيال رئيس الجبهة الشعبية، أبو علي مصطفى.
آذار الأسود
أطلق رئيس حكومة الاحتلال حينها أريئيل شارون على شهر مارس 2002 "آذار الأسود" إذ قُتل فيه 105 من الإسرائيليين، بينهم 26 جندياً، خلال العمليات الاستشهادية للمقاومة، فما كان منه إلا أن أعطى الضوء الأخضر لاجتياح الضفة.
وفي بداية العملية العسكرية، توغلت قوات الاحتلال في مدن الضفة الغربية واستهدفت بشكل خاص طولكرم وجنين ونابلس، ولم تكن رام الله والبيرة ببعيدة عن الأحداث، التي شهدت اقتحامات واسعة وحصارا لرئيس السلطة آنذاك ياسر عرفات.
جنين القسام
قادت مدينة جنين المعركة الأبرز على مدار عشرة أيام، قتل خلالها قرابة 40 جندياً اسرائيلياً، وأصيب 140 آخرون، 13 منهم في 9 من أبريل خلال كمين محكم للمقاومة في مخيم جنين.
ارتكب الاحتلال مجزرة في المخيم ارتقى فيها أكثر من 58 شهيدا حسب مصادر فلسطينية، وجُرح 355 آخرون، بعد تجريف الاحتلال للمنازل ونسفها على ساكنيها بإتباع سياسة "الأرض المحروقة" وسجّلت حينها جنين أروع قصص البطولة في تاريخها الحديث.
ارتقى في مخيم جنين 15 شهيدا من قيادات المقاومة وكوادرها، أبرزهم القائد القسامي محمود الحلوة، ومحمد وأمجد الفايد والقائد في سرايا القدس محمود طوالبة، والقائد يوسف ريحان "أبو جندل".
وفي نابلس، سطر رجال المقاومة ثاني أشرس المعارك في ملحمة حي القصبة البطولية في البلدة القديمة، قُتل فيها قرابة 42 جندياً إسرائيلياً، وأصيب 118 آخرون، فيما ارتقى 90 شهيداً فلسطينياً وأصيب قرابة 200 آخرين.
لم تستسلم المقاومة، فقاتلت واستبسلت في قتال جنود الاحتلال حتى نفاد كل ما في جعبتها من ذخيرة، ليستفرد الاحتلال بالمدنيين العزل في منازلهم بدم بارد، كما منعت الطواقم الطبية من الوصول إلى إنقاذهم، إمعاناً في مواصلة المجزرة وإخفاء فصولها عن الإعلام.
ورغم المجازر، إلا أن شارون حاول رسم صورة النصر في خطاباته على مدار أيام العملية، ملمحاً إلى سعي جيشه إلى تنفيذ المرحلة الثانية من العملية، حتى أعلن انتهاء العملية في 21-4-2002.
ارتقى خلال اجتياح الضفة وما تسمى بعملية "السور الواقي" أكثر من 250 شهيدا، بينما أعلن الاحتلال اعتقال حوالي 5000 مواطن، منهم 1400 من كوادر المقاومة، ومصادرة مئات العبوات الناسفة والأسلحة، وتدمير مقر المقاطعة وعزل رئيس السلطة في حينه ياسر عرفات.
بعد أربعة أشهر فقط أعلنت المقاومة من جنين فشل السور الواقي بعملية لكتائب القسام في مدينة صفد المحتلة نفذها الاستشهادي جهاد حمادة من بلدة برقين قتل فيها 12 مستوطناً، وبعدها نفذت عدة عمليات استهدفت الاحتلال ومستوطنيه.