لم تكن خطوة الجنرال بيني غانتس، بالاتجاه لتشكيل حكومة وحدة وطنية إسرائيلية مع بنيامين نتنياهو، غير متوقعة، لكن توقيتها وأسلوبها كانا مفاجئين. فمنذ تلقى غانتس التكليف الرسمي لتشكيل حكومة جديدة، أعلن أنه يسعى لحكومة وحدة واسعة، ومثل هذه الحكومة لا يمكن أن تتشكل إلا مع معسكر "الليكود" الذي يقوده نتنياهو. ولم يأخذ غانتس مسألة خيار حكومة ضيقة تدعمها القائمة المشتركة للأحزاب العربية من خارج الحكومة مأخذ الجد، بقدر ما أراد لهذه التوصية أن تضمن تكليفه هو بتشكيل الحكومة الجديدة.
وخلافاً للصدمة أو خيبة الأمل التي يفتعلها شركاء غانتس، حتى الأمس، وبعض أقطاب القائمة المشتركة للأحزاب العربية، فإنه يمكن القول بالاعتماد إلى تصريحات غانتس وشريكه الجنرال غابي أشكنازي، إن خطوة غانتس كانت متوقعة منذ أيام، لكن شركاءه الذين تركهم خلفه في ساحة المعارضة، كانوا يبنون تحركاتهم على أساس التمنيات أكثر مما هو على أساس حقائق صلبة.
وسبق أن ذكرنا أن غانتس سيضطر في نهاية المطاف للذهاب لحكومة وحدة وطنية لأنه أولاً لا يريد حقاً بفعل فكره اليميني العنصري، وثانياً لأنه لا يستطيع تشكيل حكومة ضيقة تستند إلى دعم من الخارج على أصوات القائمة المشتركة للأحزاب العربية، بفعل معارضة ثلاثة نواب على الأقل من داخل تحالف "كاحول لفان"، قبل أن ينسحب منه غانتس أول من أمس.
تفاصيل وملابسات المحادثات بين غانتس ونتنياهو ليلة الخميس، بعد ساعات من استقالة رئيس الكنيست السابق يولي إدلشتاين، ليست مهمة بقدر أهمية ما تمخضت عنه من تأكيد التوافق في المواقف اليمينية الصرفة بين غانتس ونتنياهو، وإبقاء الباب مفتوحاً أمام مفاوضات للوحدة، ولو على حساب تفكيك تحالف "كاحول لفان"، وتخلي غانتس عن شركائه نهائياً.
ومثلما لا تهم تفاصيل هذه المفاوضات وملابساتها، فإنه ليس مهماً أيضاً "الجانب الأخلاقي" المتمثل بنقض غانتس وعده للناخب الإسرائيلي بعدم الجلوس في حكومة واحدة تحت رئاسة نتنياهو بعد أن أعلن على الملأ أن مكان نتنياهو الفاسد هو وراء القضبان.
الأمر المهم في خطوة غانتس، هو تبدد الوهم الذي زرعه وروّج له كثيرون، عربياً وفلسطينياً، بإمكانية إحداث تغيير داخلي في إسرائيل، أو التعويل على جنرال فاخر في دعايته الانتخابية بعدد من قتلهم من قطاع غزة خلال عدوان "الجرف الصامد" ولم يتخل عن ثوابت الاحتلال.