إذا كانت كورونا قد أعطت نيتنياهو كل ما يريد، أو قل جل ما يريد، فإن كورونا لا يمنح الحياة لمجرم يداه ملطخة بدم شعب فقير، وأطفال رضع، وشيوخ ركع. " إن الله يدافع عن الذين أمنوا، إن الله لا يحب كل خوان كفور". يبدو نيتنياهو سعيدا الآن بإخضاعه غانيتس لقبول ما يريد، حيث يعود إلى قيادة الحكومة بقوة (٧٢) صوتا، في كنسيت مكون من (١٢٠) صوتا، وبأغلبية مريحة. وهي عودة ربما تنجيه من قبضة المحكمة بتهم الفساد، وتمهد الطريق له ليختم حياته السياسية رئيسا للدولة.
وإذا كان غانيتس قد حصل على رئاسة الكنيست بشكل مؤقت، ثم على تبادل في رئاسة الحكومة، مع عدد من الوزارت المهمة، فإن فعله الخياني هذا قد فكك حزب أزرق أبيض، وقلب الأصدقاء إلى خصوم، حيث اتهمه يعالون ولبيد بالخيانة. غانيتس هذا أعطانا الصورة الحقيقية لليهود الذي قرأنا عنه في الكتب. اليهودي الانتهازي، الأناني، الذي لا يحفظ عهدا، ولا ودا، ويغدر حتى بأقرب المقربين منه.
الدنيا عند نيتنياهو وغانيتس مصالح. بل مصالح لا تعرف المبادئ. الصدق غائب والكذب حاضر. وهما يزعمان أن كورونا هي التي قضت بهذا التحالف، لخدمة الدولة، ولكن الحقيقة تقول، إنهم قضوا الأمر بما يخدم مصالحهما الشخصية والحزبية، وكورونا برئ من هذه التهمة.
كورونا لا يكذب، لأنه جندي مسخر، وهما يكذبان لأنهما لم يتعودا الصدق في حياتهما، وقريبا سيكتشف من حولهما من الناس أنهما كاذيبن مخادعين، وأنهما تآمرا على العدل، وعلى الناخب.
ربما قال قائل إن ما جرى بينهما لا يعنينا نحن الفلسطينيين في شيء، وهذا قول فية كثير من الصواب، ولكن يقال إن من عرف عدوه جيدا أمن مكره، ومن باب هذه المعرفة كتبنا هذه الكلمات نصف واقعا، ونصف الشخصية اليهوديا من خلال عملها المشاهد، لا من خلال ما قرأناه في الكتب، لنحذر نحن وقادتنا، المفاوضين، والمهادنين، من هذه الشخصية الماكرة المراوغة.
يجدر بإخواننا العرب داخل الخط الأخضر، لا سيما القائمة العربية المشتركة، أن يكونوا هم الأكثر معرفة بهذه الشخصية التي يمثلها نيتنياهو وغانيتس، ولكن الواقع يقول إن المشتركة أخطأت، وقفزت عما تعرف، حين أيدت ترشيح غانيتس لرئاسة الحكومة بغرض إسقاط نيتنياهو، فخانها غانيتس، وأنقذ نيتياهو رئيسا، وخرجت المشتركة من المولد بلا حمص. المشتركة الآن مدعوة لاستخلاص العبر، ومراجعة نفسها، وإلا تنازعت وتفسخت، كما تنازع ازرق وأبيض.