تضرب كورونا في كل مكان في العالم شمالًا وجنوبًا وغربًا وشرقًا، ولا يعرف إلى متى ستستمر وأين ستصل، وضحاياها بمئات الآلاف، ودول تتهاوى وأنظمة تتفكك, وكما يقال ما بعد كورونا ليس كما قبلها، ومن الصعب الحكم حتى الآن أين ستصل الأمور، وكيف سيكون شكل العالم بعد ذلك.
على صعيدنا الفلسطيني، وصلت كورونا للضفة ثم لغزة، وهنا الحديث مجددًا أنه يمكن أن نفعل الكثير لحماية مجتمعنا من الانتشار الواسع لها خاصة في قطاع غزة المحاصر منذ 14 عامًا، والحالات التي وصلت وتم الكشف عنها لشخصين وصلا من الخارج، و7 آخرين أصيبوا خلال تقديم الخدمة للمصابين من أفراد الشرطة.
المسؤولية هنا وطنية وفردية والتساهل فيها يجلب كارثة فعلية لا قدر الله، وما اتخذ حتى الآن من إجراءات في غزة من قبل الجهات الحكومية مهم وناجع في الحد من انتقال الوباء داخل قطاع غزة، بفعل الإجراءات التي تتم في المعابر، ومراكز الحجر، وتفاني الطواقم العاملة في وزارة الصحة والداخلية والأجهزة الأمنية والشؤون الاجتماعية وطواقم وزارة الاقتصاد، وكل الجهات التي تتابع الشأن العام، التي تمكن حتى الآن من إدارة الأمر بطريقة ترضي الجمهور.
بنفس الوقت هي بحاجة لمزيد من الضبط والإجراءات في منع أي شكل من أشكال الاختلاط بين المحجورين المحتمل انتقال الوباء لبعضهم, ولو أن هذا الاحتمال قليل التحقق, لكن كما يقال درهم وقاية خير من قنطار علاج، في بلاد هي متهالكة على كافة الصعد بسبب الحصار المستمر والمتواصل على مدار سنوات، ونقص للأدوية والمعدات الصحية والطبية، والتي لا زال الاحتلال يتملص من المسؤولية عن توفيرها في ظل الظروف الصعبة.
المسؤولية الجماعية مطلوبة عبر منع التجمعات، وقد فُعل خير في وقفها وفضها، لكن هناك حاجة لمزيد من تلك الإجراءات، وهي بالتشاركية مع المواطن نفسه الذي يقع على عاتقه ان يتوقف عن بعض السلوكيات التي قد تتسبب لا قدر الله في نقل الوباء، مثل الزيارات والتنقل وبيوت العزاء أو الافراح، او الذهاب للتجمعات، الى جانب الحماية الشخصية المعتمدة على النظافة الشخصية والمنزلية.
هناك المقام يطول في البحث عن سبل الوقاية، لكن هي متوفرة عبر المواقع الالكترونية والهواتف والمحطات الاذاعية والتلفزيونية، وهي بحاجة للأخذ بها وأخذها على محمل الجد، ولا مجال للتراخي والتساهل، فلا فائدة من الإجراءات العامة إن غابت الإجراءات الشخصية، وحماية الأشخاص متكاملة مع المجتمع ولا يمكن فصلها، لكن هي حماية شخصية وحماية جماعية مؤتمن فيها الشخص للقيام بها، وملزمة الجهات الحكومية بالالتزام بها.
ما نشاهده في الضفة الغربية يؤلم القلب نتيجة فشل الإجراءات التي اتخذت من الجهات الرسمية، والتراخي في تطبيقها، وكذلك انتقالها من طرف الاحتلال وتخليه عن المسؤولية فيها، خاصة ما يتعلق بنقل العمال الفلسطينيين في المستوطنات ومدن الاحتلال، وهنا دعوة متجددة لاستدراك الامر وحماية شعبنا تحت قاعدة الحماية الفردية والجماعية متكاملة في مواجهة مخاطر الوباء.