عندما يستغل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو فيروس كورونا الذي يضرب أنحاء العالم، وتسعى البشرية لمزيد من التعاون والتنسيق لمواجهة هذا التهديد، ليخرج علينا وحكومته المتطرفة بمواقف عنصرية أقل ما يقال فيها أنها تعبر عن انحطاط أخلاقي، خاصة فيما يتعلق بكيفية تعامل دولة الاحتلال مع الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، أو ما يتعلق بكيفية تعاملها مع فلسطينيي الداخل.
لقد استغل أزمة كورونا بالدعوة إلى تشكيل "حكومة طوارئ" داعيا منافسه بني غانتس لإقامة هذه الحكومة، والذي رد عليه بأنه مستعد لمناقشة ذلك شريطة مشاركة كافة الاحزاب والقوائم الاسرائيلية في هذه الحكومة.
وهنا صعّد نتنياهو من حملته العنصرية السافرة ضد فلسطينيي الداخل، واصفا «القائمة المشتركة» بالإرهاب رغم أن هذه القائمة جاءت في المرتبة الثالثة من حيث عدد مقاعدها التي فازت بها في الانتخابات، وهو ما يعني أنّ الديمقراطية التي يتشدق بها قادة الاحتلال وفي مقدمتهم نتنياهو هي «ديمقراطية لليهود» فقط وأن نتنياهو وغالبية الأحزاب الصهيونية تتعامل مع فلسطينيي الداخل على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية وأن السماح لهم بالمشاركة في انتخابات الكنيست لا يعدو هدفه سوى تحسين صورة (اسرائيل)، وأن من المحظور السماح لهم بالتأثير في صنع السياسات الاسرائيلية.
كما أنّ نتنياهو يتهرب من القضاء وتهم الفساد بإشغال الرأي العام الاسرائيلي بإنجازاته، حيث أوعز ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية في أرجاء الضفة الغربية المحتلة، ومصادرة المزيد من الاراضي لإقامة المزيد من المستوطنات عليها الى جانب ما يقوم به المستوطنون من محاولات للاستيلاء على أراضي المواطنين ومن أبرزها محاولاتهم الاستيلاء على جبل العرمة في بلدة بيتا بدعم من قوات الاحتلال واستشهاد الطفل حمايل أثناء تصدي اهالي البلدة للمستوطنين وقوات الاحتلال المساندة لهم.
كما يستغل نتنياهو تحكمه بالأراضي المحتلة في مختلف مناحي الحياة، وحولها الى سجن كبير، فقد اعلنت سلطات الاحتلال دون خجل اغلاق الاراضي المحتلة في اطار محاولتها منع تفشي فيروس كورونا داخل (اسرائيل)، وكأن لسان حكومة الاحتلال يقول للفلسطينيين: تدبروا أمركم في سجنكم الكبير الذي نفرضه عليكم، علما بأن القانون الدولي يفرض على (اسرائيل) القوة المحتلة تحمل مسؤولياتها تجاه الواقعين تحت احتلالها فيما يتعلق بأمنهم وسلامتهم.
السؤال الذي يطرح بهذا الشأن هو: كيف تسمح حكومة الاحتلال لنفسها بمثل هذا السلوك في الوقت الذي تحكم إغلاقها على الأراضي المحتلة وتسيطر على كافة المعابر الحدودية وتستبيح جوا وبرا الأراضي المحتلة متى شاءت؟!
عذر أقبح من ذنب، فهذه الجريمة التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الفلسطينيين، ليست سوى حلقة جديدة من سلسلة جرائمها المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة، لأن فيروس كورونا لم يكن السبب الرئيس لفرض اغلاق على الاراضي الفلسطينية المحتلة، بل إن الحصار والاحتلال والاستيطان والعقوبات مفروضة من قبل. كما أن تعاملها المخزي مع من تتشدق بأنهم مواطنوها ويحملون جنسيتها من فلسطينيي الداخل يؤكد مجددا الوجه البشع والعنصري للصهيونية التي يسير على منهجها نتنياهو وحلفاؤه من اليمين واليمين المتطرف.
إن نتنياهو يستغل بصورة بشعة انشغال العالم بفيروس كورونا لتحقيق أهدافه الشخصية والتصفوية والعنصرية لتحسين وتجميل صورته وصورة الاحتلال، لذا يتوجب على الجانب الفلسطيني أمام هذا الصلف الصهيوني العمل على إبراز الانتهاكات الاسرائيلية أمام العالم، للحيلولة دون تحقيق نتنياهو هدفه في الضم والتوسع والتهويد.