لا يترك الاحتلال الإسرائيلي أرضا زراعية أو مكانا خاليا في مدينة القدس المحتلة إلا ويسعى جاهدا للسيطرة عليها من خلال إنشاء البؤر الاستيطانية أو طرد أصحابها الأصليين، وهو ما فعله مؤخراً مع أراضي وادي الربابة (أحد أحياء بلدة سلوان) في مدينة القدس المحتلة.
وبدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في اتخاذ إجراءات من خلال محاكمه في مدينة القدس المحتلة، للسيطرة والاستيلاء على أراضي وادي الربابة التي تبلغ مساحتها نحو 210 دونمات، ويعيش فيه 800 مقدسي في ظروف حياتية قاسية.
وسمي وادي الربابة بهذا الاسم لأنه ضيق من الأعلى، ويبدأ بالاتساع تدريجياً باتجاه الأسفل، وهو مشابه لآلة الربابة الموسيقية العربية القديمة.
وأُطلق على الوادي في الفترة الكنعانية اسم "جاي هنوم" وتعني "وادي جهنم"، أما كبار السن من المقدسيين فيسمونه "المنطقة الحرام" باعتباره الخط الفاصل بين شطري المدينة الشرقي والغربي.
وأكد محمود سمرين أحد المالكين لأجزاء من أراضي وادي الربابة، أنه إلى جانب أقاربه يمتلكون 50 دونماً في منطقة الوادي، ولديهم سندات ملكية من سنوات طويلة، وهي صحيحة ومسجلة.
وقال سمرين لصحيفة "فلسطين": سلطات الاحتلال والمستوطنون يحاولون من سنوات طويلة طردنا من أراضينا من خلال حجج واهية بأنها "أملاك غائبين" ومناطق حدائق تتبع لسلطة الطبيعة لدى الاحتلال، وهو أمر غير صحيح وبإثبات المستندات القانونية.
ويبين سمرين أن قوات الاحتلال تقتحم الأراضي بشكل يومي وتقوم بالاعتداء على أصحابها، وتعتقلهم وتمارس الكثير من المضايقات عليهم بهدف إنهاء وجودهم فيها.
وذكر أن أصحاب الأراضي قاموا بتكليف محام بمتابعة مجريات القضية في محاكم الاحتلال في مدينة القدس المحتلة، خاصة أن جميع أصحاب الأراضي يمتلكون سندات ملكية قانونية، وهو ما يضعف ويفشل محاولات الاحتلال.
وعبر سمرين عن خشيته من قيام قضاء الاحتلال باتخاذ قرار بمصادرة أراضيهم، كونه قضاء مسيسا ويخضع للتوجهات السياسية الإسرائيلية والجمعيات الاستيطانية.
هدف استيطاني
وأكد الناشط المقدسي نظام أبو رموز أن سلطات الاحتلال تحاول من فترات طويلة الاستيلاء على أراضي وادي الربابة الذي يقطع إلى الجنوب من المسجد الأقصى، وذلك لأهميته الجغرافية والاستراتيجية في المدينة المحتلة.
وقال أبو رموز لصحيفة "فلسطين": إن سلطات الاحتلال تتخذ عددا من الذرائع للسيطرة على أراضي الوادي، أولها أنها مناطق طبيعية وحدائق عامة ولا يوجد أصحاب لها، لكن هناك عائلات تمتلك سندات ملكية رسمية تثبت حقها في تلك الأراضي.
وأوضح أن أصحاب هذه الأراضي يسكنون بالقرب منها منذ سنوات طويلة، وهي ليست خالية، ودائماً ما يذهبون إليها، ويزرعون بها أشجار الزيتون، واللوز، إضافة إلى وجود بعض الغرف الصغيرة بداخلها.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال ومحاكمه تدعي أن تلك الأراضي "أملاك غائبين، وحدائق عامة"، لذلك عملت مؤخراً على وضع بؤرة استيطانية بالقرب منها تمهيداً لضمها للبؤرة وتحويلها لمستوطنة وجعلها جزءاً منها.
ولفت الناشط المقدسي إلى أن أهالي بلدة سلوان كشفوا نية الاحتلال وبلديته ضم أراضي وادي الربابة إلى الاستيطان، لذلك نظموا وقفات مستمرة فوقها، مع توكيل محام لمجابهة الاحتلال قانونيا، خاصة أنهم يمتلكون أوراق ملكية.
وذكر أبو رموز أن الاحتلال يريد من السيطرة على أراضي وادي الربابة إلى جانب الاستيطان، تحويلها لحدائق "تلمودية"، من خلال ما يعرف بسلطة الطبيعة التابعة لحكومة الاحتلال.
يشار إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية صادرت منذ بداية عام 1967 وحتى أواخر عام 2019 عشرات الآلاف من الدونمات من أراضي مدينة القدس المحتلة، وأقامت عليها وحدات استيطانية.