دخلت موسكو مجددًا على خط المصالحة الفلسطينية، في محاولة لرأب الصدع بين حركتي فتح وحماس، واستعادة الوحدة الوطنية، فمنذ نهاية فبراير/ شباط الماضي تجري الخارجية الروسية اتصالات مكثفة مع ممثلي مختلف الحركات الفلسطينية لتحقيق الهدف الذي طال انتظاره.
وأجرت روسيا مشاورات منفصلة في 27 فبراير، مع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، وفي 2 آذار/ مارس مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وتلاها في 5 آذار/ مارس مباحثات مع رئيس حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، ثم لقاء مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة في 11 آذار/ مارس الجاري.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أعلنت في وقت سابق، أن بلادها تخطط لتنظيم مؤتمر عام للمصالحة الوطنية الفلسطينية، مشيرة إلى أن "البعض لا يعتبر هذه الاجتماعات حزمة واحدة وتخرجها عن السياق، أود أن أطلب ممن يتناولون هذا الموضوع، أن ينظروا نظرة شاملة إلى الجهود الروسية في اللقاءات مع ممثلي مختلف القوى السياسية الفلسطينية وإلى الأهداف التي تصبو إليها روسيا كما قلت من قبل".
لقاء معمق
وقال ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان إحسان عطايا، إن لقاءات موسكو تكتسب أهمية خاصة، إذ تأتي بعد إعلان ترامب ونتنياهو عن صفقتهم من جانب واحد، دون مراعاة ما تسمى "الشرعية الدولية" وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، "ما من شأنه المس بالحقوق الفلسطينية". ووصف عطايا في حديث لصحيفة "فلسطين" لقاء قيادة الجهاد بالخارجية الروسية بـ"الشفاف والصريح والعميق، وقد أبدينا فيه حرصنا على تحقيق المصالحة وشرحنا الأسباب التي تعيقها".
وأوضح أن موسكو تسعى لعقد لقاء للحوار بين الفصائل الفلسطينية، ولكنها تحرص أيضًا على أن يكون هذا اللقاء ناجحًا، "لذلك جاءت هذه اللقاءات الثنائية من أجل تكوين صورة دقيقة تستطيع من خلالها الخارجية الروسية بلورة المشهد الأخير الذي يتوج هذه اللقاءات، بعد تذليل العقبات بلقاء جامع".
ويأمل عطايا أن تخرج فيه الأطراف الفلسطينية بموقف موحد ورؤية واحدة في مواجهة "صفقة ترامب" ومجمل الأمور المتعلقة بالقضية الفلسطينية، تتويجًا للمصالحة المنشودة.
برنامج استراتيجي
وقال عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية أسامة الحاج أحمد: "إن الجهد الروسي مكمل للجهد المصري على اعتبار أن الأخيرة هي المحور الأساسي لاستعادة الوحدة الفلسطينية".
وذكر الحاج أحمد لصحيفة "فلسطين" "وجود محاولات لإضاعة الوقت والفرص وهذا مرفوض"، مشددًا على ضرورة الاستجابة لكل الجهود التي تبذل لتحقيق الوحدة الوطنية لا سيما أن القضية الفلسطينية تمر بمأزق خطير جدًا.
وأضاف: "نحن بحاجة إلى وحدة وطنية مبنية على أساس الشراكة وعلى أساس برنامج استراتيجي للتصدي لصفقة القرن ولكل المؤامرات التي تجابه القضية الفلسطينية".
ورحب بأي جهد روسي لاستعادة الوحدة الوطنية، مشيرًا إلى تلقي الجبهة دعوة للمشاركة في مؤتمر عام للمصالحة الوطنية الفلسطينية.
وأكد الحاج أهمية تطبيق الاتفاقيات السابقة، وعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، للاتفاق على برنامج وطني شامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ويمتن صموده في أماكن تواجده كافة ولإفشال صفقة ترامب نتنياهو.
ويأمل الحاج أحمد، أن يتكلل اجتماع موسكو بالنجاح، مضيفًا: "سيكون لتلك الجهود نتائج إيجابية في حال قررت قيادة السلطة النزول عند رغبة شعبنا والعودة إلى الحوار الوطني الفلسطيني.
كما دعا رئيس السلطة للإسراع في عقد لقاء وطني عاجل على مستوى قيادي وعدم تضييع الفرص، "فاللقاء هو من يقرر استعادة الوحدة الوطنية وتوحيد جهود أبناء شعبنا في الضفة وغزة والقدس ووضع برنامج وطني شامل يلبي طموحات أبناء شعبنا الفلسطيني ويضمن مقاومة صفقة القرن بكل أشكالها".
تواصل فلسطيني
في حين قال الناطق باسم حركة الأحرار ياسر خلف: "لقاءات موسكو تأتي في إطار التواصل الفلسطيني الفصائلي مع مكونات العالم لنقل رسالة شعبنا وما تتعرض له قضيتنا من مخاطر ومؤامرات لا سيما صفقة ترامب نتنياهو".
وأوضح خلف لصحيفة "فلسطين" أن لقاءات موسكو تأتي لتعزيز وتنسيق المواقف لمواجهة الصفقة وتجييش الموقف الروسي الذي يملك حق الفيتو لرفضها والتصدي لها، إضافة لتعزيز العلاقات بين الفصائل وروسيا كقطب مؤثر في العالم وعلى مجمل القضايا.
وعدَّ من يرفض اللقاءات "هو من يريد استمرار الحصار والمعاناة والآلام للشعب الفلسطيني"، لافتًا إلى أنها "تسعى دائمًا لإجهاض أي جهد وطني للتواصل مع الخارج خشية انكشاف أفعالها وسلوكها اللاوطني، كما تعمل على الدوام على تشويه صورة الفصائل وفي مقدمتهم حركة حماس وتصر على تشويه صورتها لتحريض العالم عليها".
ودعا الدول كافة للتواصل مع جميع المكونات الفلسطينية وليس فقط مع المنسقين مع الاحتلال، لفهم الموقف الوطني السليم.