"فقط من يتحدى هو من يعيش"، هذه الكلمات قيلت عن الإرادة والصمود، حينما يكون الإصرار عنوان الإنسان في حياته، بعدما يتعرض لمكروه ما، كما حدث مع الجريح الشاب آدم سالم (17 عامًا) الذي فقد ساقه.
قصة سالم الذي يقطن في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، بدأت بعدما أطلقت عليه قوات الاحتلال رصاصًا مباغتًا حينما كان يقف في أرض زراعية تعود ملكيتها لخاله في منطقة "أبو صفية" شرق مخيم جباليا شمال القطاع في 27 يونيو/ حزيران عام 2018.
وأدت الإصابة آنذاك إلى بتر قدمه اليُمنى، بعدما أطلق عليه جنود الاحتلال المتمركزون خلف السياج الفاصل الذي يقيمه الاحتلال شرق القطاع، سبع رصاصات متتالية، وفق ما يروي أولى لحظات الإصابة لصحيفة "فلسطين".
كان قرار "بتر قدمه" من الأطباء في غزة بعدما أمضى أسبوعين في مستشفى "برزلاي" الإسرائيلي الذي زجته به قوات الاحتلال لحظة الإصابة، حيث عاد للقطاع وقد ظهر على قدمه "العفن".
ويستذكر أولى لحظات خروجه من غرفة العمليات في مجمع الشفاء الطبي، بعد إجراء عملية البتر التي استمرت ثلاث ساعات: "كنت فرحان جدًا بعد ما خرجت من العملية، لأني شعرت ما في وجع كما السابق".
قسوة الإصابة لم تمنع آدم من محاولته ممارسة حياته بشكل طبيعي، حيث اعتاد الذهاب إلى مدرسته القريبة من منزله والنزول إلى الأصدقاء في منطقة سكنه.
لكنّ والده ظل يسعى هنا وهناك لتركيب طرف صناعي لآدم، حتى لا يشعر بالنقص ويواصل حياته كما إخوانه وأصدقائه، خاصة أنه كان يتعرض لبعض المواقف التي تجرح مشاعره لكونه يرتكز على "عكازين"، يتابع آدم.
وبعد انتظار تجاوز العام، استطاع آدم أن يحصل على تحويلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، قبل عدّة شهور، لتركيب طرف صناعي، وسافر ومكث هناك أربعة أشهر.
تغلّب على النقص
عاد آدم إلى غزة بعدما أنهى رحلته العلاجية في الولايات المتحدة، والتي تكللت بتركيب طرف صناعي "غيّر له كل مجريات حياته" كما يقول.
ويوضح أنه أجرى عملية جراحية في قدمه بعد عودته من أمريكا بشهر، لإزالة العظام الزائدة التي ظهرت في قدمه بعد تركيب الطرف، ما اضطره لتوسيع مدخل الطرف في مستشفى الأطراف الصناعية، كي يلائم قدمه.
ويضيف: "بعد تركيب الطرف الصناعي تغيرت حياتي وبدأت أتغلب على كل النقص والمشاكل التي تعرضت لها في أثناء فقدان قدمي، من حيث صعوبة الحركة وممارسة هواياتي المُفضلة".
والأمر الأهم وفق آدم أن تركيب الطرف أعاد له شكل قدمه الذي اعتاده قبل الإصابة، مشيرًا إلى أنه يُفضل هواية "كرة القدم" ومونتاج الصور والفيديو.
وقبل أن يختم حديثه يسترجع آدم أولى ذكريات إصابته، ومشاهد الخوف والرعب التي عاشها بين جنود الاحتلال، قائلًا: "أنا أطالب بحقي كطفل، أصابني الاحتلال وعذبني ثم اعتقلني دون أي ذنب".
ثم يكمل كلامه بتوجيه رسالة للجرحى في يوم الجريح الفلسطيني الذي وافق 13 من الشهر الجاري، بقوله: "الإصابة لا تُشكِّل عائقًا وليست هي نهاية الحياة، لذلك عليكم ألَّا تيأسوا لأنكم ستتعافون بإذن الله".
ونتيجة عنف الاحتلال ضد المتظاهرين السلميين في مسيرة العودة بلغ إجمالي الجرحى منذ انطلاقها في 30 مارس/آذار 2018 حتى 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، نحو 35.703 جرحى. وشكلت الإصابة في الأطراف السفلية ما نسبته 48.2% والرأس والرقبة 10.1% وبلغت إصابات الرصاص الحي 40.7% والرصاص المعدني المغلف بالمطاط 7.7% وإصابات الغاز 13.0%؛ وفق إحصاءات وزارة الصحة.