حادثة الحريق المؤلم في النصيرات الأسبوع الماضي، كشفت بشكل واضح عن كيفية التعامل الجمعي الفلسطيني مع معادلة الواجبات والحقوق، وعند النظر في التفاصيل اتضح أن الكثير من المفاهيم المجتمعية بحاجة ملحة إلى إعادة ترتيب الأولويات، بشقيها الأهلي والمؤسسي، وكذلك الشخصي والفردي، عملًا بمعادلة الالتزام بالقيام بالواجبات، للحصول على الحقوق، وذلك في أدناها المطلوب، في ظل واقع فلسطيني معقد.
استباق الحديث عن الواجبات مرده أن الحقوق تنتزع، ويطالب بها، وبل يقاتل من أجلها، وهي في ميزان الالتزام بالواجبات، للحصول على الحقوق، والتفريط في كلاهما سيكون مؤلماً, وثمنه الأرواح، وكي لا نستبق نتائج التحقيق فيما يتعلق في حادث النصيرات، لكن تشير المعطيات الواضحة والعلنية إلى أن هناك مشكلة مركبة يتحمل جميع الأطراف المسؤولية عنها, ما بين المسؤول الذي يركن إلى أن الظروف العامة لا تساعد على فرض النظام، والالتزام به، وبين المواطن الذي يسعى للعمل في ظروف لا ترتقي للسلامة الشخصية، وكذلك صاحب العمل، والشركات وغيرها، بهدف الحصول على الربح دون مراعاة لأدنى عناصر السلامة الشخصية والعامة.
الأمر ذاته يظهر في التعامل في مواجهة انتشار وباء كورونا, الذي كشف في الوقت نفسه أن النظافة الشخصية والعامة تحتاج لجهد كبير لتغيير سلوك الأشخاص, ومن خلفها السلوك الجمعي في التعامل مع مثل تلك الحالات، والارتكاز لعادات وسلوكيات شخصية تتسبب في تدهور صحي وانتشار للأوبئة والأمراض، وفي الوقت نفسه هناك غياب للإجراءات التي تضمن السلامة الشخصية من خلال الشركات والمؤسسات العامة.
الربط بين الحقوق والواجبات لا يمكن أن يفصل بعضها عن بعض، بل يتلازمان في القضايا العامة التي يدفع ثمنها المجتمع كثيرًا, كما هو الحال في حادثة النصيرات، وحتى لا نقع في الخلل نفسه، هناك ضرورة ملحة لاستدراك ذلك في التعامل مع الوقاية من انتشار وباء كورونا، مهما كان الثمن, وإلزام الأشخاص والمؤسسات باتباعها، ولو وصلت لاستخدام أعلى درجات الضبط، مما يحمي المجتمع من انتشار الوباء، وخاصة في التعامل مع القادمين لغزة، أو اتخاد الإجراءات في الأماكن العامة، أو توفير المتطلبات لإجراء الفحوصات الصحيحة التي تمنع انتشار الوباء.
غزة المحاصرة منذ 13عامًا، لا تحتاج لمزيد من الألم، وخاصة أن جراح حادثة النصيرات ما زالت تنزف، والمسؤولية هنا فردية وجماعية لإنقاذ غزة، بعيداً عن أي تقاعس، بل الذهاب نحو معاقبة ومحاسبة المقصرين كأشخاص ومؤسسات، وقبل ذلك التحرك المجتمعي نحو التوعية بمخاطر الوباء وكيفية مواجهته، وحماية أنفسنا منه، وعدم تكرار ما يحدث في المحيط سواء حالة الإرباك أو التدهور المتسارع على مستوى العالم.