مستوى صحة نفسية عالية لدى المرأة يعني بيتًا مستقرًّا، وصحة جسدية جيدة، وأبناء أصحاء نفسيًّا، تتمكن من التعامل والتكيف مع ضغوط الحياة والتغيرات البيولوجية التي تطرأ عليها، وتتعامل معها بصلابة نفسية دون أن تدخل في دوامة الاضطرابات النفسية.
وفي اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق الثامن من مارس/ آذار سنويًّا، تتعالى المطالبات بتعزيز اهتمام المجتمع بالصحة النفسية لها باعتبارها أن أي خلل واضطراب في نفسيتها ينعكس سلبًا على كل أفراد الأسرة، وتمتعها بصحة نفسية يجعلها قادرة على القيام بمهامها والاعتناء بأبنائها.
بمناسبة هذا اليوم أطلقت دائر الصحة النفسية في وزارة الصحة حملة "لها" والتي تستمر فعالياتها وأنشطتها لمدة أسبوع في مراكز الرعاية النفسية في محافظات القطاع الخمس، التوعية والتثقيف بأهمية تعزيز الصحة النفسية من قبل المجتمع والمؤسسات والرعاية الذاتية من المرأة نفسها.
وتُعرِّف الاختصاصية النفسية في مركز خانيونس للصحة النفسية كفاية بركة، الصحة النفسية بأنها حالة من اكتمال السلامة عقليًّا وبدنيًّا واجتماعيًّا لا مجرد انعدام المرض والعجز، وهي حالة من العافية تمكن المرأة من تكريس قدراتها الخاصة لتكيف مع أنواع الاجهاد والعمل بتفانٍ وفعالية.
وفي حديث مع صحيفة "فلسطين"، توضح بركة أن الثامن من آذار يحتفل فيه العالم بإنجازات المرأة العظيمة وتعدد مهامها في الحياة، ومن هنا أطلقت دائرة الصحة النفسية مبادرة لها في مراكز الرعاية النفسية الخمسة.
وتذكر أن حملة "لها" ستتنوع فيها الأنشطة بالتواصل مع وسائل الإعلام، وكتابة مقالات تعزز الصحة النفسية، وتنفيذ لقاءات تثقفية للعاملين في المراكز الصحية والمترددين على الخدمة حول أهمية الكشف المبكر عن الاضطرابات النفسية للمرأة.
وتؤكد أن الصحة النفسية جزء أساسي لا يتجزأ من الصحة العامة، ولكن هناك أهم عوامل تؤثر سلبيًّا على الصحة النفسية للمرأة، وهنا يتجلى دور الحملة بتوعية الناس لتعديلها إلى أسباب إيجابية.
وتبين بركة أن أولاها هي العوامل الداخلية النابعة من المرأة نفسها، ومن ثم العوامل الخارجية من البيئة المحيطة بالمرأة والتركيز على التكوين العاطفي للمرأة فهي بحاجة إلى تواصل وجداني كبير وفي حال انعدم ستصبح معرضة للإصابة بأي اضطراب نفسي.
وتلفت إلى أن الاضطرابات البيولوجية للمرأة وانعكاسها على سلوك المرأة وانفعالاتها، لو أُهْمِلَت ستصبح المرأة معرضة للاضطراب النفسي، كما أن خبرات التعرض للفقد تؤثر سلبًا على نفسيتها، فضلًا عن أن العمل المستمر بلا راحة ورغبتها في الكمال يعرضها لضغط نفسي.
وتشير بركة إلى أن من العوامل السلبية أيضًا الأساليب الاجتماعية كتعرضها للنقد المستمر والضرب والتدخلات الخارجية في علاقتها مع زوجها وعلاقتها المتوترة معه.
وتنبه إلى أن العنف وخاصة اللفظي، وحرمانها من التعليم والميراث، ومن اختيار الزوج، إضافة أن الاضطراب الصحي يؤدي إلى اضطراب نفسي إذا لم تجد الرعاية والاهتمام، وآخر تلك العوامل الأسباب الاقتصادية الفقر والبطالة.
وتشدد بركة على أن للمجتمع بالغ الدور في تعزيز مفهوم الصحة النفسية لدى المرأة، ويقع على عاتق الزوج أو الأب أو الأم أو الأبناء باستشارة اختصاصي نفسي إذا لاحظوا سلوكًا متغيرًا يدل على بداية مرحلة الاضطراب النفسي ومنحها فرصة العلاج.
وسيعزز القائمون على حملة "لها" خطوات الصحة النفسية للمرأة من خلال مجموعة من الإجراءات بتهيئة ظروف صحية تدعم الصحة النفسية، والتأكيد على نمط الرعاية الذاتية من المرأة نفسها بتواصلها مع الآخرين ونسج دائرة علاقة قوية، وتخصيص وقت لممارسة أنشطة وهوايات.
والتثقيف يشمل أيضا بتدريب المرأة كيف تتحكم في مصادر الضغوط النفسية وتحددها وتعرف كيف تتعامل معها، وتحاول الاهتمام بالتغذية الصحية المتوازنة، وتغذية العقل بالتأمل والاسترخاء القراءة، وتعلم أمور جديدة لتقوية العزيمة لديها -بحسب بركة-.
وتلفت بركة إلى أنه سيتم توعيتها بإدراك التغيرات والتعامل معها أنها حالة مؤقتة، وحث من حولها على مساندتها اجتماعيًّا خاصة بعد الولادة.
وتؤكد دور المجتمع في التعامل مع مشاكل المرأة، زيادة الوعي لحث المرأة على طلب الاستشارة النفسية، وتقديم برنامج نمائية تنمي قدرتها على التعامل مع المشاكل الزوجية والتدخلات، وبرامج علاجية للاضطرابات النفسية.
وتردف بركة بأن وحدة نفسية افتتحت في مستشفيي ناصر الطبي والإندونيسي، لما للأطباء والفرق الطبية من دور في التعامل والكشف المبكر عن الاضطرابات النفسية وتحويل الحالات المترددة عليها للعلاج النفسي.
وتختم بتأكيد أهمية دور المؤسسات في زيادة الوعي لدى كل فئات المجتمع خاصة الرجل بأهمية التعرف على كل احتياجات المرأة النفسية، ودورها في ترسيخ القيم الدينية التي تصحح صورة المرأة في أذهان الناس وتذكرهم بالوصايا القرآنية والنبوية التي تحث على رعاية المرأة في كل أحوالها.