فلسطين أون لاين

الفلسطينيون 2020.. التجويع من أجل "الصفقة" (1)

مع انقضاء عام آخر، وحلول عام جديد، لم يعد بالإمكان التكهن بما ستفضي إليه استمرارية الانهيارات في الحالة الإنسانية الفلسطينية ملحقة بخبايا الخطط السياسية والاقتصادية التي ترتبط بترتيبات دولية وإقليمية تأخذ القضية الفلسطينية والمنطقة العربية إلى مسارات يكتنفها غموض المفاهيم، وملتبسة بتحول الإرادات.

أضاف عام 2019 المنصرم قدراً من التراجع في مجمل المشهد الإنساني، مقروناً بمزيد من الانكفاء السياسي، فالتدهور العربي، بجميع مستوياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، يوازيه في الجهة المقابلة تدهور فلسطيني، حيث تعد الجوانب الإنسانية-وهي محط اهتمامنا في هذا السياق- أحد المؤشرات الأكثر وضوحاً، التي يمكن عدها "مخباراً" يمكن القياس من خلاله، في سبيل تكوين صورة متكاملة لحجم التراجع الذي وصلت إليه أوضاع الفلسطينيين الذين يقفون على أعتاب عقد جديد، تدلل جسامة الأحداث على قسوة النتائج والتداعيات لاحقاً.

ولعل استعراضاً سريعاً لأبرز الأحداث التي أثّرت من خلال تداخلاتها في مسارات فرعية وكلية للقضية الفلسطينية، وربما زاد قطاع كبير منها من "كآبة" وسوداوية الحالة الفلسطينية، وشكلت ضغطاً على الجرح الغائر، وفاقمت من معاناة أبناء الشعب الفلسطيني سواءً داخل الأرض المحتلة أو في أماكن وجود اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، ما من شأنه أن يكون تصويراً توثيقياً لسردية المأساة الفلسطينية لعام آخر ينقضي تحت نير الاحتلال الصهيوني، ويعبّر عن حجم التحولات "الأيديولوجية"، و"الجيوسياسية" تجاه القضية الفلسطينية.

أسدل عام 2019 الستار على حصيلة كبيرة من الأحداث، تلخص الحصاد المر الذي رسم خطوطه الطولية والعرضية في مختلف أنحاء الجسد الفلسطيني، فقطاع غزة يتقدم الحصاد بتعمق أكبر للأزمة الإنسانية التي يفاقمها الحصار الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 13 عاما، بعناوين أبرزها اتساع رقعة الفقر، وازدياد البطالة، وتدهور الحالة الاقتصادية، إضافة لمزيد من التراجع للقطاعات الحيوية كالصحة والتعليم، وغيرهما.

ولعل تقريراً "للمرصد الأورومتوسطي" صدر مع نهايات العام المنصرم، امتاز بدقة إحصاءاته، وببلاغة سرديته "التوصيفية"، بدءاً من عنوانه "مساحة الموت"، وانتهاءً برصده العالي المهنية، لمآل وتداعيات الحصار وحيثياته على الإنسان الفلسطيني، حيث يصف البروفيسور ريتشارد فولك، رئيس مجلس أمناء المرصد، ما يجري تجاه غزة بـ"الفضيحة الإنسانية" التي "يمارسها العالم من خلال صمته على الحصار طيلة هذه السنوات، مشيراً إلى أن حصار غزة هو بمنزلة التحدي لضمائر الإنسانية جمعاء". يضاف إلى ذلك استمرار آلة الحرب الإسرائيلية في إزهاق أرواح أبناء القطاع من خلال الاعتداءات المتكررة، فقد قتلت قوات الاحتلال خلال العام المنصرم 149 فلسطينياً خلافاً للجرحى، منهم 112 شهيداً في غزة التي لم تتوقف فيها المواجهات والقصف اليومي.