لم يترك الاحتلال الإسرائيلي أي وسيلة لبقائه جاثمًا على الأراضي الفلسطينية وشرعنة وجوده، في حين يقول مراقبون: إن بعض الفلسطينيين –في إشارة للسلطة برام الله- والعرب لا يتورعون عن إعطائه "ترياق الحياة" عبر اللقاءات التطبيعية المتوالية مع الاحتلال غير آبهين بحقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة ودفاعه الطويل عن أرضه.
وكان وفد رياضي وصل في مارس/ آذار 2019م، إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي؛ للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية المخصصة للرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وضم وفد الاحتلال 25 رياضيًا في إطار ألعاب الأولمبياد الخاص في أبوظبي 2019، للرياضيين ذوي الإعاقة، التي تُقام فعالياتها خلال الفترة بين الـ14 والـ21 من الشهر المذكور.
وكانت قناة "مكان" الإسرائيلية ذكرت أن بعثة الاحتلال الرياضية "تنافست في مسابقات السباحة، وكرة السلة، والجودو، والبولينغ"، لافتة إلى أن الاحتلال حصد قبل 4 سنوات 62 ميدالية في المباريات ذاتها في ولاية لوس أنجلس الأمريكية".
وشهد أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، مشاركة رياضيين إسرائيليين في بطولة دولية للجودو في أبوظبي، حيث رُفع علم دولة الاحتلال وعُزف نشيدها، بحضور وزيرة الثقافة والرياضة في حكومة الاحتلال المنصرفة، ميري ريغيف.
وفي مارس/ آذار 2018، شارك سائقون إسرائيليون في "رالي أبوظبي الصحراوي" للسيارات، وشاركت الإمارات والبحرين أيضاً في "طواف إيطاليا 2018" للدراجات الهوائية، الذي أُقيم في فلسطين المحتلة سنة 1948، في مايو/آيار الماضي.
كما شارك 20 رياضيا إسرائيليا في "بطولة العالم للجوجيتسو لفنون القتال للشباب والناشئين" بالإمارات، وفقاً لما ذكره حساب (إسرائيل) "تتكلم بالعربية"، التابع لوزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مطلع مارس/آذار الماضي.
تناقض مع التاريخ
الوكيل المساعد في وزارة الثقافة بغزة د. أنور البرعاوي يوضح أن من أهداف التطبيع الفني والثقافي مع (إسرائيل) جعله "مألوفا وطبيعيا" في المنطقة "وهذا يتناقض مع الواقع والتاريخ".
ويؤكد البرعاوي لصحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال يسعى جاهدًا لطمس الهوية الفلسطينية ويحاول إبدالها بتاريخ مزور لا أساس له من خلال المعارض الفنية والرسومات والمسرح والسينما، بالإضافة إلى الصحافة وغيرها.
ويبين أن الاحتلال ينطلق وفق مخططات ممنهجة ويهدف إلى "فتح العقول والقلوب" أمام الاختراق الذي يوظف وسائل الإعلام والإصدارات والكتابات والأعمال الأدبية والمنتديات العلمية والثقافية وملتقيات ما يسمى حوار الحضارات والثقافات لعرض صورته الاحتلالية على أنها صورة "جميلة وراقية".
ويضيف: "إن الاحتلال يعمل من خلال التعاون بين الجامعات، والملتقيات الفنية أو عن طريق استقطاب بعض الجمعيات أو الجماعات من هذا البلد أو ذاك لتذليل العقبات أمام تقبل الهيمنة والاستسلام لواقع الاحتلال في فلسطين وإعادة تشكيل المنطقة ثقافيًا بتعزيز عناصر قوة المشروع الصهيوني".
ويوضح أن سيطرة (إسرائيل) على السينما الهندية تأتي من باب تعاطف الشعوب الهندية مع القضية الفلسطينية ومساندتها ومحاولة منها لقلب هذا التعاطف لمصلحة مشروعه الاستعماري في المنطقة، مؤكدًا أن وزارته تنطلق من إيمانها العميق بأصالة الثقافة والتراث الفلسطينيين وجذوره الممتدة في أعماق التاريخ.
ويبين أن وزارته تعمل على تجميع الشخصية الوطنية الفلسطينية في الإطار الثقافي لإيجاد صيغة وإستراتيجية وطنية لمواجهة مخططات الاحتلال الرامية لتشويه هويتنا الثقافية أمام العالم، لافتًا إلى أنه تمت الدعوة لتظاهرات ثقافية لحماية التراث الفلسطيني ووضع إستراتيجية مواجهة للحرب الثقافية التي يشنها الاحتلال والارتقاء بالأدباء والفنانين الفلسطينيين عالميًا، داعيًا كل الفنانين لمقاطعة المعارض التي يشارك بها الاحتلال.
ويحث البرعاوي الحكومة في رام الله على الاهتمام بالفنانين وبوزارة الثقافة بغزة كي تؤدي دورها وواجباتها الوطنية في مواجهة الاحتلال ومحاولاته الرامية لطمس الهوية الفلسطينية.
"تخفيف العداء"
إلى جانب ذلك شاركت دولة الاحتلال الإسرائيلي في مؤتمر دولي، في العاصمة البحرينية المنامة، بيونيو/حزيران 2019، بشأن السفن في مياه الخليج العربي، وذلك في ثاني حضور إسرائيلي رسمي في البحرين خلال أشهر، بعد "ورشة المنامة" المعنيَّة بالشطر الاقتصادي من صفقة ترامب-نتنياهو.
واتخذ التطبيع أشكالاً متعددة من خلال فتح جسور للاتصال وإقامة علاقات رسمية وغير رسمية، في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية والفنية والرياضية والاستخباراتية والزيارات المتبادلة مع الاحتلال الإسرائيلي، وفق أستاذ القانون الدولي والمفكر الإسلامي في القاهرة د. عبد الله الأشعل.
ويقول الأشعل لصحيفة "فلسطين": "إن (إسرائيل) تسعى لفتح علاقات مع الدول العربية بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إزاحة كل العقبات التي تقف أمام مشروعها الاستعماري في المنطقة".
ويحذر من أن "التقدم الإسرائيلي في جميع الجبهات وانفتاحها على الدول العربية هما ضد مصالح الشعب والقضية الفلسطينية"، داعيًا الدول العربية لأن تقف إلى "جانب الشعب الفلسطيني المظلوم" في مواجهة التطبيع العربي مع الاحتلال وإحقاق الحق لأصحابه.
ويوضح أن الهدف من التقارب الإسرائيلي مع أنظمة عربية هو تخفيف العداء لـ(إسرائيل) ونقله إلى الفلسطينيين، مدللًا على ذلك بإرسال وفود دولية للأراضي المحتلة وزيارة المسجد الأقصى وتصدي الفلسطينيين له.
ويحث الأشعل على ضرورة توعية الشعوب العربية بأهداف سلطات الاحتلال الإسرائيلي من التطبيع الدولي، مؤكدًا أن "التطبيع مع الاحتلال يهدف لضياع الأمة وإحلال السرطان في المنطقة وتهجير الفلسطينيين من وطنهم".