فلسطين أون لاين

كورونا، والتجمعات، والحقيقة، والسياسة!

حالة ارتباك.. هل يمكن وصف ما يجري في أروقة السلطة، والأراضي الفلسطينية المحتلة بحالة ارتباك غير مسبوقة بسبب فيروس كورونا؟! إذا استمعت لمداخلات المواطنين، تجدهم على قسمين: قسم يصف قرار إغلاق المدارس والجامعات، ورياض الأطفال، لمدة شهر بحسب إعلان قرار حالة الطوارئ بأنه قرار صحي، يستهدف حماية المواطنين، في حين يرى قسم آخر أنه قرار سياسي يستهدف به عباس إنهاء إضراب الأطباء، ومنع إضراب قطاع الموظفين، وتأكيد سيطرة السلطة على الحالة الإدارية في غزة.

في ضوء هذين القسمين نقول إن الفصل الحق يكمن في حجم إصابات كورونا المؤكدة، وهل هي في الضفة وغزة؟! أم أن وجودها المؤكد في بيت لحم في الضفة دون غزة؟! من المؤكد أن حالات العزل ضرورية لتجنب انتشار الفيروس، لأن التجمعات العامة في المدارس وغيرها تزيد من فرص انتشار المرض، وقد ثبت أنه سريع الانتشار. ولكن إذا كانت غزة خالية من الإصابات المؤكدة حقيقة، فيجدر بالحياة أن تستمر في المدارس والجامعات، مع مراقبة صارمة لمعبري رفح وبيت حانون، ولا بأس بفرض حجر صحي على الداخلين إلى غزة من مصر، ومن معبر بيت حانون.

إن أماكن تجمع الناس لا تقف عند المدارس والجامعات، بل تتعداها إلى المساجد، والأسواق، والمشافي، وصالات الأفراح، وبحر غزة، والأنشطة الكروية، والإدارات الحكومية، وعليه فإن تعطيل الدراسة جزء يسير من عملية عزل المواطنين عن الفيروس. التجمعات الأخرى لا تستطيع السلطات أن تتحكم فيها، والقرار فيها راجع إلى الأفراد. لذا كان التشريع السماوي أحكم من الإجراءات المدنية، حيث فرض الشارع الحكيم على الفرد الذي في منطقة الوباء عدم مغادرتها، ومنع من في خارجها من الدخول إليها. ويأثم من خالف التشريع، وكان سببا في نقل العدوى لغيره.

الوباء هو الوباء، وفيروس كورونا هو نوع من الوباء، والتعامل معه ينبغي أن يكون من وجهة صحية بحتة، ومن زاوية نشر الوعي في طرق مواجهته، ومن زاوية الالتزام الذاتي للأفراد بما شرع الشارع الحكيم، ولا يجوز إدخال السياسة في هذا الموضوع الخطير، ولا ينبغي أن تكون حياة الناس ميدانا للمناورات السياسية، وجل الناس يعرف أن دولا عربية لم تعلن عن مصابيها بالفيروس بدوافع سياسية. إن وعي الشعب بالحقيقة هو أول النجاة الحقيقية من الفيروس، وهو أول الطريق لمقاومته والحذر منه. نريد من الجهات الطبية المسؤولة نشرة يومية حقيقية عن الحالة الصحية في غزة والضفة، حتى لا ترعب الإشاعات السكان!