قائمة الموقع

تصاعد الجرائم بالضفة الغربية.. لا دور للسلطة سوى ملاحقة المقاومين

2020-03-07T08:58:00+02:00
(أرشيف)

لا تبدو السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية بأجهزتها الأمنية والقضائية، قادرة على تعزيز محاسبة مرتكبي جرائم الاعتداءات والتحرشات الجنسية بشكل يمنع تكرار هذه الجرائم ويحد منها، كما تبدو خاصرتها الأمنية رخوة أمام حماية المؤسسات والبنوك في الضفة الغربية، في وقت تُشدِّد أجهزة قبضتها الأمنية في ملاحقة المقاومين والاعتقال على خلفية سياسية.

تهدر أجهزة أمن السلطة وقتها وجهدها في ملاحقة المقاومين، وفق مراقبين، الأمر الذي ترك مساحة واسعة للعابثين للسطو على بنوك أو قتل، واعتداء جنسي، وحتى الاغتصاب كما حدث في اغتصاب خمسة شبان لسائحة بولندية أخيراً.

وأقدم خمسة شبان من قريتَي بتير ونحالين بالضفة الغربية المُحتلّة، على اغتصاب السائحة الأجنبية والاعتداء على شاب فلسطيني من بلدة العبيدية في منطقة جبلية بمحافظة بيت لحم قبل أيام.

وقيد الشبان الشاب المرافق للسائحة، وتناوبوا على اغتصاب السائحة البولندية، في منطقة "المخرور" الجبلية الواقعة بين بيت جالا وبتير.

وقد اتهم أولئك الشبان في قضية اغتصاب سابقة لكن لم يتم محاسبتهم قضائياً، وهو ما أثار تفاعل الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبين بمحاسبة المجرمين وتفعيل الدور القضائي.

وتسلط هذه الجريمة الضوء على مسألة سياسية أخرى، إذ إنّ أجهزة أمن السلطة لا تستطيع الدخول إلى منطقة "المخرور" الواقعة ضمن مناطق "C" وهذا من افرازات اتفاقية "أوسلو" التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في غياب الأمن المجتمعي على هذه المناطق، إلا بتنسيق أمني مع السلطات "الإسرائيلية"، وهذا هو سبب تحوُّل المنطقة إلى "مزارٍ للخارجين عن القانون".

ولا تظهر معطيات وأرقام واضحة عن حجم الاعتداء الجنسي وطبيعة محاسبة المجرمين، لكنها تفيد بوجود جرائم أخرى مثل السطو والقتل، فحسب المعطيات الفلسطينية شهدت الضفة أكثر من (30) جريمة قتل عام 2019، مقارنة بـ(24) عام 2018.

وشهد العام الماضي وقوع خمس عمليات سطو كالأربع التي شهدها يناير/ كانون الثاني الماضي.

البنك الإسلامي الفلسطيني  كشف في 20 يناير/ كانون ثاني الماضي، عن قيمة ما سرق من فرعه بعملية السطو المسلح التي استهدفت فرعه في بلدة دار صلاح في بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، موضحًا أن الجناة تمكنوا من سرقة ما مجموعه (84) ألف شيقل.

وكانت نقابة المحامين قد حذرت العام الماضي من غياب الأمن المجتمعي في الضفة الغربية المحتلة، وعزت السبب لسلوك السلطة الأمني.

ويرى الناشط المجتمعي والسياسي عمر عساف أن التدخل العشائري يحدث عندما تكون السلطة ضعيفة وهشة، ويغيب دور القضاء في المحاسبة، وبالتالي يلجأ الناس إلى الحل العشائري لحماية الأسرة في ظل ضعف القضاء، وهذا يؤدي إلى مزيد من الضعف للسلطة ومزيد من الاقتتال والصراع القبلي.

وأضاف عساف لصحيفة "فلسطين" أن حوادث الاعتداء الجنسي ليست ظاهرة، لكن في نفس الوقت تعرض مقارنة بين دور الأجهزة الأمنية في متابعة هذه القضايا، وتشديد قبضتها الأمنية على المقاومين.

ورأى أن هناك نوعا من الاحتقان العام يقود إلى مثل هذه الظواهر بسب اليأس وعدم الإيمان بالعمل الجمعي، وله علاقة بالانفلات وضعف السلطة.

من جانبها، قالت المستشارة القانونية والناشطة النسوية، لونا عريقات: إن "طبيعة الجريمة جديدة ومفاجئة على المجتمع الفلسطيني، وأن قضايا التحرش الجنسي يتم التعامل معها بطريقة "شرقية" باتجاه التستر والمصالحة، ونحن لسنا بحاجة لمصالحة بل إلى قانون يعاقب على هذه الجرائم".

وأضافت عريقات لصحيفة "فلسطين": "إننا منذ عام 2004م نطالب بوجود قانون لحماية الأسرة من العنف، لأن هناك حتى اعتداءات من داخل الأسرة ذاتها، ويجب أن يكون هناك محاسبة وتوعية بشكل أكبر واحترام للمرأة".

وتابعت: "الإشكالية في الموضوع هو تدخل العشائر في قضية المرافق للسائحة، لرد الأذى عن باقي العائلة، إذ حدث اعتداء بالضرب عليه"، مشيرة إلى أن حادثة الاغتصاب جديدة على الشعب الفلسطيني.

وأكدت عريقات رفضها لإسقاط الحق الشخصي لأنه يضيع مسألة المحاسبة، مشيرة إلى أن العنف الجنسي ظاهرة من الظواهر المسكوت عنها، وهذه مسؤولية جماعية يتحمل مسؤوليتها المواطنون والمؤسسات الرسمية والأهلية، وثقافة مجتمعية التي تتجه للوم الضحايا، وتحميلهم الذنب أكثر من الجناة، فالقضية قضية منهاج.

واستدركت، أن المهم في الأمر تعزيز الدور القانوني، قائلة: "لسنا بحاجة لدور عشائري في الأمر، فالمطلب من القانون التعامل والتعاطي مع هذه الجرائم وأخذ دور رسمي في المحاسبة".

ولفتت إلى أن الكثير من قضايا العنف الجنسي تذهب لموضوع المصالحة العشائرية، مطالبة بأن يكون القانون فاعلا أكثر بدلا من الحل الاجتماعي.

اخبار ذات صلة