فاز اليمين الإسرائيلي بقيادة نتنياهو على خصمه أزرق أبيض في الانتخابات الثالثة. الملك ليبرمان يتجاوز بن غريون المؤسس في عدد سنوات البقاء في الحكم. اليمين على حافة الستين مقعدًا، ويحتاج إلى بعض الأصوات القليلة ليجمع أغلبية مستقرة. ولكن تشكيل حكومة مستقرة ما زال أملًا بعيدًا، لا سيما بعد أن أعلن ليبرمان بأنه لن ينضم لحكومة يقودها نتنياهو.
هذا الجزء من الانتخابات لا يعنينا نحن الفلسطينيين كثيرًا، إلا بالقدر الذي له انعكاسات على قضيتنا الفلسطينية. نعم، الانتخابات الإسرائيلية شأن داخلي، ولكن هذا الموضوع له تأثيراته على قضيتنا، لذا نحن مضطرون لأن نتابع مجريات هذه الانتخابات ونتائجها.
الرسالة الأولى لهذه النتائج تحكي أن المجتمع الإسرائيلي قد حسم وضعه الداخلي بالاتجاه نحو اليمين، واليمين المتطرف، حيث بدأ اليسار يتلاشى، حيث لم يتجاوز تحالف اليمين المقاعد السبعة. وهذا التوجه يدعم صفقة القرن، ويدعم ضم الأغوار، ومناطق جيم من الضفة، من طرف واحد. ومن ثم يمكن أن نشهد عمليات الضم وتوسيع المستوطنات بحسب وعود نتنياهو وحلفائه من اليمين الديني. وهذا الضم سيرش الملح على جروح السلطة والفلسطينيين بشكل عام، والحل أمام السلطة أن تبادر برفع يدها عن المقاومة، وأن توقف التنسيق الأمني، وأن تتحمل نتائج هذا الموقف، وهي نتائج أهون علينا من بقائها صامتة بينما يجري ضم الأغوار؟!
والرسالة الثانية لهذه الانتخابات نقرؤها في غزة، حيث يبدو أن استمرار سياسة الحصار على غزة ستستمر، وأن تهديدات نتنياهو واليمين بحرب موسعة على غزة ستستمر أيضًا، وأن حكومة يمينية قادمة لن تتعجل الموافقة على تهدئة مع غزة، وستعمل على تكريس الفصل بين غزة والضفة.
والمطلوب من حماس والسلطة هو اللقاء والاتفاق على قواسم مشتركة لمواجهة سياسة الحكومة القادمة، وهذا الاتفاق يمكن أن يجري على قاعدة المصالحة والشراكة، ويمكن أن يجري بدون مصالحة أيضا. نحن أمام قضايا وطنية كبرى التعاون فيها ينبغي ألا ينتظر المصالحة.
اللافت للنظر أنه بعد إعلان ترامب عن صفقة القرن، نجح ترامب بالإفلات من العزل، وها هو نتنياهو ينجح أيضا في الانتخابات التي ربما تمهد له فرصة الإفلات من المحاكمة بتهم الفساد.
هذا النجاح يعطي رسالة من المجتمع الإسرائيلي تقول لنا: إن المجتمع الصهيوني لا يهتم كثيرا بقضايا الفساد والرشوة، ذلك أن جل المجتمع غارق في هذه الأمراض، وأنه ينتخب المرتشي والفاسد إن كان قادرا على تحقيق المشروع الصهيوني على الأرض الفلسطينية بأقل الخسائر الممكنة. وهذا كان جزءا موروثا من زمن موسى عليه السلام، فقد تركوا موسى وعيسى عليهما السلام وتبعوا قادتهم الفاسدين؟!