فلسطين أون لاين

الطفل محمد حجيلة.. فقدان القدم لا يحدّ الطموح

...
غزة/ صفاء عاشور:

يتنقل من مكانٍ إلى آخر بسرعة، يسير ويجري كأي طفل عادي، لم يترك إعاقته تحد من طموحه وقدرته على القيام بما يفعله غيره من الأطفال، فإن كانوا قادرين على الجري أو لعب كرة القدم فهو مثلهم.

الطفل محمد حجيلة (تسعة أعوام) من حي الشجاعية شرق مدينة غزة يعود بالذاكرة إلى أول أيام عيد الفطر قبل خمسة أعوام، عندما ارتدى محمد ملابس العيد وخرج مع أصدقائه للعب خارج المنزل.

ساعات فرح وسرور قضاها محمد حتى أتى موعد العودة للمنزل لتصدمه في وقتها شاحنة، حادث مروري نُقل في إثره إلى المستشفى، ولخطورة وضعه الصحي بُترت قدمه اليمنى، وهو ما غير حياة محمد كلها بعد ذلك.

تقول سميرة حجيلة والدة محمد: "حصل الحادث في أول أيام عيد الفطر، وكانت حالته صعبة جدًّا بسبب نزفه كثيرًا من الدماء، وهو ما أجبر الأطباء على بتر قدمه لإيقاف النزف"، لافتةً إلى أن ساعات الإفاقة لمحمد بعد الحادث كانت أصعب الأوقات عليها وعلى ابنها.

تضيف لصحيفة "فلسطين: "كان محمد وهو على سرير المستشفى يكشف عن الغطاء الذي فُرش على قدميه ويسألني: أين قدمي؟، يمر وقت قصير ويعيد السؤال ذاته، وكان ردي ورد جميع من حوله إنها سبقتك إلى الجنة".

وتشير إلى أن العائلة والمعارف وقفوا بجوار محمد، وكان الدعم النفسي والمعنوي له سببًا قويًّا في أن يتقبل ما حصل له ويرضى ويؤمن بأن قضاء الله لا بد أن يكون فيه الخير، منبهةً إلى أن الأمر لم يقتصر على تقبله ما حصل له، بل تجاوز ذلك إلى إقناع من حوله بتقبل حالته.

يؤكد محمد أنه لا يزال يتذكر كيف كان ينظر طلاب المدرسة -خاصة من كانوا في فصله- إليه، إذ كانوا يستغربون وجود طفل فقد قدمه معهم، وكيف كان يتحمل بعض الكلمات "القاسية" عليه.

ويلفت محمد إلى أن حياته تغيرت كثيرًا بسبب الإعاقة؛ فالجمعيات التي يتابع عندها من أجل الدعم النفسي والمعنوي لحالته ساعدته كثيرًا على تطوير شخصيته، مشيرًا إلى أنه حقق إنجازات لم يحققها غيره ممن هم في جيله.

ويوضح أنه تعلم السباحة، وسبح على مسافة مترين ونصف في إحدى البرك، ويستطيع لعب كرة القدم وهو على عكازين، ويعتمد في كل ما يتعلق بنظافته الشخصية على نفسه دون مساعدة من أي شخص.

ويعيش محمد هذه الأيام معتمدًا على عكازين بدلًا من قدمه الصناعية التي كبر عليها واحتاج إلى غيرها، فتوقف المشروع الذي كان يدعمه من أجل تركيب الأطراف الصناعية جعله يعود ليسير على عكازين، على أمل أن يجد جهة أخرى لتركيب طرف صناعي يلائمه.