هل حقًّا ثمة اتصالات خلفية بين رجال من السلطة وحكومة اشتية مع الحكومة الأمريكية حول صفقة القرن؟! فريدمان السفير الأمريكي يؤكد هذه الاتصالات، وحكومة اشتية، والناطق باسم حركة فتح ينفيان ذلك. أيّ الفريقين نصدق؟! السلطة التي لها مصلحة في النفي، أم فريدمان الذي له مصلحة في إثبات الاتصالات؟!
لو عدنا قليلا إلى الوراء لوجدنا أن ترامب صرح بأنه سيبحث عن قيادة فلسطينية تقبل بصفقة القرن، وليس من الضروري أن يقبل بها عباس نفسه، وتصريح فريدمان ربما يعني وصول أمريكا إلى هذه الشخصية الفلسطينية. وربما وجد ترامب في دول عربية من يساعده على الوصول إلى هذه الشخصية القابلة للتفاوض مع نتنياهو في ضوء صفقة القرن.
ثمة شخصيات فلسطينية تعيش خادمة لأنظمة عربية قبلت بصفقة القرن، ودعت السلطة لقبولها والتفاوض في ضوئها، بصفتها الخيار المتاح والممكن في هذه الفترة؟! هذه الشخصيات تود أن تستولي على مقعد القيادة من عباس، وطريقها إلى ذلك يمرّ من واشنطن، وتل أبيب.
السلطة تدرك هذه الحقيقة، ولديها معلومات عن كل هذه الأطراف التي تتواصل مع أمريكا من خلال بعض العواصم العربية المؤيدة لصفقة القرن. وربما أرادت السلطة أن تقطع الطريق على هؤلاء فعملت على إيجاد قناة تواصل سرية مع إدارة ترامب، في عملية إدارة صراع، وقطع طريق؟!
السوابق التاريخية ترجح ما قاله فريدمان، وتقلل من قيمة نفي حكومة اشتية وحركة فتح، ونحن لن نفاجأ إذا ما أثبتت الأيام القادمة وجود هذه الاتصالات، فقد جرت اتفاقية أوسلو في ظل نفي فتح لوجود هذه المفاوضات السرية. وقبول عباس بلقاء نتنياهو بحسب مقترح الرحل قابوس يؤكد إمكانية وجود هذه القنوات الخلفية.
إن رفض فتح والسلطة المشاركة في تشكيل لجنة وطنية عليا لمقاومة الصفقة، يدل على أن فتح لا تريد التقيد الصارم بالرؤية الفلسطينية المشتركة الرافضة لصفقة القرن، وتريد أن تبقى تعمل وحدها، في ظل حرية في المناورة واتخاذ القرار. لو ألزمت فتح والسلطة نفسها في لجنة وطنية عليا لمقاومة الصفقة، لكان بإمكاننا قبول نفيها لتصريحات فريدمان. جل الشعب ربما يميل لوجود قنوات خلفية، لا سيما بعدما سمع بأقوال عباس التبجحية التي تحكي بشكل مباشر عن مسئوليته الشخصية عن لجنة التواصل مع الإسرائيليين منذ عام 1970م. وبهذا يقدم دفاعا مخالفا لكل القيم عن لجنة التواصل التي حضرت احتفالات السلام في تل أبيب بعد إعلان صفقة ترامب، وهو حضور تعرض لانتقادات وطنية شاملة وقاسية؟!