فضيلةَ الشيخ، هل فايروس كورونا بلاء أم ابتلاء؟ وهل الله ينتقم من الصينيين لما فعلوه بمسلمي الروهينغا؟
فضيلةَ الشيخ، إن كان بلاء وانتقامًا، فهل عشرات آلاف الصينيين المصابين بهذا الفيروس ليس فيهم بريء من الإجرام بحق الروهينغا، بل أليس فيهم مسلم موحد؟
فضيلةَ الشيخ، إن كان الله ينتقم من هؤلاء الظلمة، فلِمَ لم يحصر انتشار الفايروس في الصين، ونراه ينتشر سريعًا في دولٍ مختلفة، منها عربية ومسلمة؟
فضيلةَ الشيخ، أفتني في مسألتي؛ فإني أخاف أن يصيبني كورونا فأكون من الهالكين وأحشر مع الظالمين!
منذ انتشار فايروس كورونا ونحن نسمع أسئلة وإجابات من هذا القبيل، في محاولة تفسير ظهور هذا الفيروس فجأة ودون سابق إنذار وانتشاره كالنار في الهشيم.
والعجيب في هذه التعليقات أنها تُصدِر أحكامًا دينية أو سياسية أو عِلمية على موضوع النقاش دون أدنى بحثٍ أو تمحيص أو تفكُّر.
كمسلم، أعلم أن من أسماء الله الحسنى "المنتقم"، وأدعوه صباح مساء أن ينتقم من الظالمين وأن ينصف المظلومين، بغض النظر عن هوية الظالم أو المظلوم، فرسالة السماء العدل، وأينما وجد يجب أن يدور المسلم معه، ونصرة العدل والحق نصرة لله عز وجل.
لكن حِكمة الله التي نقرأها بين سطور القرءان، أفهمتنا أن الله ينتقم من القوم الظالمين، بعد أن ينجي الذين آمنوا، حتى لا يصيبهم مسٌ من العذاب، وليس من حِكمته أن ينتقم من الظالمين والمظلومين ومن لا دخل لهم دُفعة واحدةً، فهذا يتنافى مع العدل الإلهي الذي سار عليه الكون منذ خلقه الله.
لذا؛ فإن كثرة التفاسير والتحاليل والأحكام هي كورونا أخرى تغزو العقول منذ زمن، وتجعلنا نرى الأمور بمنظورنا، ونفسرها وفق أهوائنا، فنرى ما يصيبنا ابتلاء، وما يصيب غيرنا بلاء، ونرى الله في الأولى منقيًا لقلوبنا وصفنا، ونراه في الثانية منتقمًا من غيرنا، وهذا لعمري فايروس الأمس والحاضر، وآمل أن نحيّده في المستقبل القريب.
تنويه أخير: المُنادَى "فضيلة الشيخ" هو كل شخص أفتى أو حكم بغير عِلم ومن منظور ضيق على كارثة حقيقة تمر بها الإنسانية في العام 2020م.