إن كان لا يمكنك أن تشاهد الدموع لترى حالة الحزن الحقيقية، فيمكنك أن تحرك نظراتك على جدران العميد لتلامس حالة الحزن الحقيقية على المصير الذي وصل له غزة الرياضي لأول مرة منذ تأسيسه قبل (86) عاماً.
ولو كان غزة الرياضي رجلاً لبكت عيناه حرقةً على ما جرى بداخله من صراعات شخصية، وبسرية مطلقة، دون الالتفات لأهمية بكاء العميد الذي إن بكى أحرق قلوب الآلاف من محبيه.
القيمة الكبيرة للعميد في التاريخ الرياضي الفلسطيني يبدو أن القائمين عليه خلال الحقبة الحالية، حرفوا أنظارهم نحو قضايا غير متعلقة بالمصلحة العامة وتجاوزت كل حدود المعقول.
السقوط الذي وصل له غزة الرياضي لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة تراكمات كبيرة ظهرت خلال سنوات ماضية، لم يتعلم أو يستخلص العبر منها، ولم يكن لها محاولات للعلاج والتخلص منها إلا زيادة التعمق فيها دون حلول.
الأمر كان سيبدو مختلفاً عن الواقع الحالي لو أدرك مجلس الإدارة السابق قيمة الحفاظ على كيان كغزة الرياضي بأي ثمن كان حتى لو كان على حساب الكيان الشخصي الذي طغى على التخطيط والتجهيز للمواسم الأخيرة.
مع كل جولة من منافسات الدوري الممتاز هذا الموسم وفي ظل استمرار التراجع كان غزة الرياضي يتعلق بالأمل الذي لا تحده حدود، من أجل الخلاص من هذه الكبوة والعبور منها بسلام، لكن العميد لم يجد كتفاً يستند عليه حتى لا يصل لمصير السقوط.
غياب التخطيط والرؤية
ولعل أحد الأسباب وأبرزها التي أدت بالعميد لهذا المصير هو عدم التخطيط الجيد للموسم الجديد في ظل مجلس الإدارة السابق الذي لم يكن لديه رؤية حقيقية لمستقبل الفريق أو دراسة وضعية الدوري الممتاز والفرق المنافسة أو حتى تحديد الهدف المطلوب وقياس ذلك على الامكانات المتاحة.
وكانت حالة التباعد بين الجهاز الفني ومجلس الإدارة ظاهرة لدرجة كبيرة قبل بداية الموسم الحالي، لا سيما بعدم تلبية رغبات المدرب أحمد عبد الهادي بالتعاقد مع بعض اللاعبين حسب حاجة الفريق، لكن الصفقات كانت تفشل في اللحظات الأخيرة واستبدالها بلاعبين آخرين أقل من المستوى المطلوب من أجل ملء الفراغ، وكل ذلك حسب أهواء خارج إطار النظرة الفنية.
المستقبل الغامض
وبات العميد أمام مستقبل مؤكد مغلفاً بالغموض خاصة في دوري الدرجة الأولى وقدرته على استعادة مكانته بين الكبار خاصة مع قوة المنافسة في الدرجة الأولى وبالأخص على بطاقتي الصعود للممتازة.
ولا يبدو الحديث على أن غزة الرياضي سيبدو مستسلماً للأمر الواقع ويتواصل في مسلسل التراجعات، إلا أن العميد ككيان يمتلك القدرة على الخلاص من كل الأسباب التي وضعته في هذا الموقف، لكن قبل كل ذلك لا بد أن تتوفر الإرادة للتغيير.
التغيير للأفضل لن يكون سهلاً، لكنه بلا شك سيسبق عملية العودة واستعادة الشخصية والمكانة، وهذا التغيير أصبح مطلوباً على أرض الواقع، دون العودة لمربع التجارب التي لا تؤتي العميد إلا مزيد من الغرق.
وبلا شك إن المستقبل الذي يطمح له غزة الرياضي سيكون معاكساً تماماً للواقع الذي يعيش فيه حالياً، وهذا يعني أن كل ما هو موجود حالياً لا يمكن أن يُبنى عليه لتغيير المستقبل.