50 دقيقة من الزمن، عاشها أهالي بلدة السواحرة أمام 3 بوابات وحواجز إسرائيلية، كانت حائلة دون انتقال جثمان الحاج أحمد مشاهرة، ليوارى الثرى في مقبرة جبل المكبر المقدسية.
ومع اقتراب عقارب الساعة من الثالثة مساءً الاثنين الماضي فارق الحاج الحياة، عن عمر ناهز 76 عاماً كان شاهداً خلالها على معاناة الفلسطيني المتجددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، لكن معاناته لم تنتهِ رغم وفاته.
وكان مشاهرة، يرعى أغنامه قرب حاجز الشيخ سعد، حينما أصابته نوبة قلبية في إحدى الوديان القريبة، توفي على إثرها، فشلت خلالها سيارات الإسعاف من الوصول إليه سريعاً بفعل الطبيعة الجغرافية للحي، وتقطيع الجدار الفاصل أواصره.
وكي يُدفن الحاج، في مقبرة المكبر وهي المقبرة الرئيسة لبلدة السواحرة، يجب أن يحصل ذوو الفقيد على إذن إسرائيلي للمرور عبر الحاجز ودفنه في الناحية الأخرى، وهو ما لم ينفذ رغم الحصول على تنسيق لعدد قليل، وليدخل الجثمان بوابة "الدوار" دون فتحها.
4 ساعات وأكثر!
أكثر من 4 ساعات انقضت حتى سمح الاحتلال لعائلة مشاهرة بالمرور عبر حاجز حي الشيخ سعد في بلدة السواحرة، وصولاً إلى مستشفى المقاصد في بلدة أبو ديس ثم الانتقال إلى مقبرة جبل المكبر.
ووفق أحد أبناء أحمد مشاهرة، فإن جيش الاحتلال وافق لهم بعد محاولات على المرور عبر بوابتين من الحاجز، أما الثالثة فتذرع بعدم وجود مفتاح لها، وأن الضابط الإسرائيلي المناوب غير موجود، ويحتاج لأكثر من ساعة حتى يصل الحاجز.
ومع تلك الذرائع، وتعمد الاحتلال فرض المعاناة على المقدسيين، اتخذ منصور نجل المتوفى قراراً بحكم سياسة الاحتلال بعدم توفير المفتاح، "بإدخال جثمانه عبر بوابة الدوران" محمولاً بين يديه.
وقال مشاهرة لـصحيفة "فلسطين": "والدي توفي نحو الساعة الثالثة بعد وصول الإسعافات إلى شارع أمني، لعدم قدرة سيارات الإسعاف على الوصول إلى مكان البيت والحي، وبعدها زادت المعاناة بتنقلنا بين الحواجز الإسرائيلية".
ووثقت عدسات الهاتف المحمول معاناة عائلة مشاهرة وأهالي البلدة في أثناء نقل الحاج عبر الحاجز الإسرائيلي ونقله من "الباب الدوار"، مع سماح الاحتلال فقط لـ50 مواطناً بالدخول عبر الحاجز.
وقال مشاهرة: "تزداد معاناة أهالي بلدة السواحرة بإعاقة الاحتلال حركة المواطنين الفلسطينيين في القدس المحتلة والضفة الغربية، بفعل الحواجز وتقييد حركة المواطنين واستمرار بناء الجدار الفاصل".
ويقطن حي الشيخ سعد، نحو 8 آلاف نسمة من أصل 35 ألف نسمة يقطنون بلدة السواحرة، ويدفن السكان موتاهم في مقبرة جبل المكبر التي يفصلها عنهم 3 حواجز إسرائيلية، وبحاجة إلى تنسيق من "الإدارة المدنية الإسرائيلية".
وأوضح ناصر جعفر عضو هيئة مواجهة الاستيطان في بلدة السواحرة أن الجدار الفاصل قسم البلدة إلى 3 مناطق جغرافية، أثر على أهاليها سلباً وقطع أواصرها الاجتماعية والجغرافية.
وقال جعفر لـصحيفة "فلسطين": "أدى تقسيم البلدة إلى صعوبة التنقل لأهالي البلدة، وليقطع المواطن مسافة مدتها أكثر من 40 دقيقة بدلاً من 4 دقائق، قبل بناء الحاجز الإسرائيلي، عبر طرق التفافية وصولاً لجبل المكبر".
وأضاف أن الحواجز الإسرائيلية هي: حاجز الشيخ سعد، وحاجز يفصل بلدة السواحرة عن جبل المكبر "حاجز الشياح"، وحاجز الكونتينر.
ونبه جعفر إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يحرم أهالي البلدة من ممارسة أعمالهم الزراعية وتربية الحيوانات بفعل مصادرة الأراضي وبناء بؤر استيطانية جديدة.