قائمة الموقع

نازحو رفح.. معاناة مستمرة وأمل بإعمار مدينة دمرها الاحتلال

2025-12-24T07:54:00+02:00
ظروف قاسية يعيشها النازحون داخل الخيام في غزة
فلسطين أون لاين

أمام خيمته البالية في مواصي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، جلس المسن حسين صالح محاطاً بعدد من أبنائه وأحفاده، وقد أنهك جسده البرد القارس وأوجاع النزوح التي تكالبت عليه طوال عام ونصف هي مدة تشريده القسري من مدينته رفح.

قصة الحاج صالح (74 عاما) تجسّد مأساة أكثر من ربع مليون مواطن أجبرهم الاحتلال على النزوح من مدينة رفح، وتمركز أغلبهم في منطقة المواصي المحاذية لرفح، على أمل العودة قريباً إلى مدينتهم، حتى بعد أن دمرها الاحتلال بالكامل خلال حرب الإبادة.

يقول صالح الذي يُكنى بـ"أبو فادي"، إن معاناة أهالي رفح النازحين تفاقمت أكثر خلال فصل الشتاء وهطول الأمطار الغزيرة وهبوب الرياح التي اقتلعت الكثير من خيامهم، فلم تعد قادرة على الصمود بعد تعاقب الفصول عليها أكثر من مرة.

على مرمى حجر

وبمرارة وحزن كبيرين يشير في حديثه لـ "فلسطين أون لاين"، إلى أنه وكل أهالي رفح يدركون أن المدينة دُمرت بالكامل، إذ يسمعون يومياً أصوات النسف لما تبقى من منازلهم وتهتز الأرض من تحتهم، ومع ذلك فإن حلم العودة إلى هناك لم يغادر وجدانهم.

ويضيف "ما يبعث على الألم هو أننا نتواجد على بعد مئات الأمتار فقط من مدينتنا، ولو صعد أحدنا إلى بعض الكثبان الرميلة القريبة، لأمكنه رؤية الركام والأطلال في الأفق، لكن تلك المسافة على قصرها، باتت بعيدة جداً طالما لا نستطيع الوصول إلى رفح".

فقد "أبو فادي" خلال الأشهر الأولى من حرب الإبادة الجماعية منزله في منطقة تل السلطان وعاش لعدة أشهر نازحاً داخل المدينة، قبل أن يجبر على مغادرتها في شهر مايو 2024، ليستقر في المواصي.

ومع ذلك يؤكد بأن يتوق إلى العودة من جديد إلى رفح، التي ولد وعاش فيها طوال حياته، حتى وإن اضطر مجدداً إلى تكرار معاناة العيش داخل خيمة مهترئة، معتبراً أن العودة قد تكون بمثابة خطوة يمكن أن يتبعها خطوات أخرى نحو الإعمار وإعادة البناء.

منذ نحو 18 شهراً يعيش أهالي رفح واحدة من أقسى تجارب النزوح، فالمدينة التي كانت ملاذاً لمئات الآلاف من المواطنين تحوّلت بفعل القصف والنسف الوحشي إلى كتل من الركام، ودُمّرت أحياؤها السكنية وبنيتها التحتية ومعالمها التاريخية بشكل شبه كامل، وباتت مناطق واسعة منها خاضعة لسيطرة الاحتلال، ما يحول دون عودة سكانها حتى اليوم.

ومع دخول فصل الشتاء، تضاعفت معاناة نازحي رفح، وكشفت الأمطار الغزيرة والرياح والبرد القارس هشاشة خيامهم المصنوعة من القماش والنايلون، وغمرت المياه الكثير منها، وتحولت حياتهم إلى جحيم لا يمكن احتماله.

معاناة وأزمات

المعاناة اليومية لنازحي رفح تترافق مع أزمات صحية وبيئية متراكمة، إذ تنتشر أمراض الشتاء على نطاق واسع، خاصة بين الأطفال وكبار السن، وتعجز المراكز الطبية عن توفير الأدوية والمستلزمات لهم، في ظل منع الاحتلال دخولها إلى القطاع.

ووسط الزحام والاكتظاظ بين الخيام المتراصة في المواصي، يعيش الأطفال الذين يشكلون النسبة الأكبر من النازحين، معاناة أكثر تعقيداً بعدما حُرموا من دفء منازلهم ورحابة مدارسهم وشوارعهم، وباتوا يقضون أيامهم داخل خيام ضيقة شديدة البرودة.

ويعاني غالبية هؤلاء الأطفال من أزمات نفسية وأعراض الخوف والقلق واضطرابات النوم والتبول اللاإرادي، إلى جانب سوء التغذية والهزال، ويقف ذويهم عاجزين أمام هذا الواقع المرير.

اخبار ذات صلة