يدرك الاحتلال الإسرائيلي أن ما يواجهه من تحديات، وما ينتظره من مفاجآت، يفرض عليه الاستعداد بدرجة أكبر، الأمر الذي يدفع رئيس الأركان أفيف كوخافي لوضع خطة جديدة (تنوفا) لتناسب حجم التهديد، في ظل انحسار النتائج للخطة السابقة (جدعون) وانخفاض القدرة على الردع، وفرض المقاومة واقعًا جديدًا ظهرت فيه (إسرائيل) غير قادرة على حسم المعارك لصالحها، وأكثر من ذلك في الرضوخ وتقديم بعض التسهيلات.
ومع تنامي قدرات المقاومة في جبهات عدة، لبنان، وسوريا، وإيران، والعراق، وقطاع غزة، التي سارعت فيه لبناء منظومة قوية وفعالة، ضمن استراتيجية دفاعية تمكنها من رد أي عدوان إسرائيلي محتمل، وامتلاك القدرة أيضًا على الهجوم ومفاجأة العدو الإسرائيلي بطرق غير معهودة، تربك حساباته وتقديراته الأمنية والاستخبارية.
وهذا ما يجعله لا يتوقف عن إطلاق التهديدات المستمرة، لإيران، وحزب الله، وحماس والجهاد، وباقي الأذرع التي تمتلك قدرات عسكرية، واستنزاف قواته الجوية في القصف المتكرر للأراضي السورية بغية تهشيم ما يصفه بالقواعد الإيرانية هناك، واستغلال الأحداث في غزة لقصف أهداف للمقاومة يعتبرها أماكن للتخزين، وورش، ومواقع، بحسب الأداء الدعائي الذي يسوقه الناطق باسم الجيش خدمة للمستوى السياسي، وطمأنة للجبهة الداخلية.
ويظهر أيضًا حجم الارتباك من خلال التصريحات لقيادة المنطقة الشمالية على لسان اللواء (أمير برعام) والذي أدعى أن حزب الله ينتهك القرار(1701) الصادر عن مجلس الأمن، وهدد بتدفيع إيران، ولبنان بما وصفه بـ(جباية الثمن) في إشارة إلى القلق الإسرائيلي من جهود الحزب لامتلاك صواريخ أكثر عددًا ودقة للمساس بالجبهة الداخلية الإسرائيلية.
إضافة إلى التهديدات التي وردت مؤخرًا على لسان وزير الحرب الإسرائيلي (نفتالي بينيت) بشن عملية قاتلة ضد قادة حركة حماس، في الوقت الذي يجري فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي عشرات المناورات والتدريبات المكثفة، التي تحاكي هجومًا عنيفًا بالصواريخ، وتعرض الكيان لمواجهة شاملة على عدة جبهات، وقيامه بإجراء الفحص الدوري لجبهته الداخلية.
فحديث قائد الجبهة الداخلية الجنرال (تامير يديعي) أن الجبهة الداخلية معرضة لهجمات صاروخية حادة لم تشهدها (إسرائيل) في الحروب الماضية، وأن الوضع تغير، كمًّا ونوعًا، والصواريخ يمكنها أن تصل بدقة للأهداف الإسرائيلية، في ظل تحدٍّ متعدد الأبعاد، مشيرا إلى صعوبة تحقيق النصر في ظل جبهة عاجزة.
يدلل بما لا يدع مجالًا للشك أن المقاومة أصبحت قادرة على إفشال المخططات الإسرائيلية، ويمكنها تدفيع العدو ثمنًا لا يتوقعه، في ظل عجز العدو عن تنفيذ عقيدته القتالية بعدم إطالة أمد الحرب، فهو غير قادر على حسم المعركة بالضربة المفاجئة، وغير قادر على ضرب العمق المدني دون أن تنتقل النيران لجبهته، كما أن نظرية التفوق الأحادي أصبحت من الماضي.
فعلى العدو ألا يتعجل لرسم خرائطه المرقعة، لأن المقاومة لديها خرائط جديدة سترسمها بالنار، فقرار المقاومة بسط السيطرة البرية والجوية والبحرية بالصواريخ، وبأيدي قواتها المتأهبة، التي ضاقت ذرعا من الوضع القائم، وتنتظر تنفيذ صفقة النصر التي تكنس بها صفقة العار، وحينها ستنحني جبهات كل المراهنين على عظمة وقدرة الكيان، وتخرج المقاومة بمجد جديد للأمة يشكل إحدى أهم المحطات الفاصلة في تاريخ الصراع.