الملل بالنسبة لكثير منا هاجس نحاول جاهدين تجنبه والابتعاد عنه في كل شئوننا الحياتية، لكن -ودون وعي منا- نهرب إليه في بعض الحالات تخفيفًا من العبء وضغط الحياة!
إن واحدة من أعظم ما خلق الله -عز وجل- هي تركيبة عقل الذكر والأنثى والاختلاف بينهما، فالذكر يمتلك عقلًا صندوقيًا قادرًا على التركيز بعمق في أمر معين والاستغراق فيه، لذا نجده غارقًا لذقنه أثناء تنفيذ مهمة ما، ولا يستجيب عقله لأي مثير خارجي، في المقابل عقل الأنثى شبكي، وهي تنفذ العديد من المهمات بكفاءة عالية في وقت واحد دون أن تستغرق فقط في أمر دون الآخر.
والعقل الذكوري لديه صندوق مهم يجوز أن نسميه صندوق الملل، واسمه العلمي صندوق "اللاشيء Nothing" وهذا الصندوق يهرب إليه الذكور عامةً لممارسة لا شيء فعليًا، ولأن الأنثى -بعقلها الشبكي- لا تستوعب فكرة أن لا يفكر الرجل في اللاشيء، فإنها تظن حتمًا أنه يفكر في غيرها!
إن التعرُّض للملل -كما يخبرنا علماء النفس- من حين لآخر قد يكون مفيدًا جدًا، لأنّ كثيرًا من الضيق الذين نعاني منه في حياتنا ناتج عن القلق الذي لا يكاد يهدأ، فبمجرد انتهائك من عمل ما، يلح عليك ذهنك: "ماذا بعد؟" فهو لا بد محتاج لشيء تفكر فيه، وبالتالي فأنت تدور في حلقة مفرغة.
لذلك نجد رياضةً مثل "اليوجا" والتي يمارسها الشخص بالجلوس لدقائق أو ساعات أحيانًا لا يلوي على شيء، بل كل ما يفعله هو أن يسترخي ويتأمل، وهذا الشيء يساعده على تحسن صحته النفسية فعلًا!
إذن لماذا لا نجد الملل في حياتنا؟ إنه يمنح عقلك الحرية في ألا يعرف شيئًا -ولو لفترة قصيرة-، ومن ثم يعود عقلُك أقوى وأكثر تركيزًا وإبداعًا، كما أن الشعور بالملل يخلصك من قدرٍ هائلٍ من الضغط الناتج عن قيامك بشيء ما في كل لحظة!
عزيزي/ عزيزتي، إن أفضل ما تجنيه من عدم فعل أي شيء، هو أن تتعلم كيف تصفّي ذهنك وتسترخي، وهذا بحد ذاته كافٍ ومنشود.
عطفًا على ما سبق: فإن العلم يؤكد أن ليس كل عقل رجل ذكوريًا، وليس كل عقل امرأة أنثويًا، وبالتالي فإنها قادرة على تشكيل صناديق ضمن شبكيتها، توقف فيها كل شيء، أو بالمعني المبسط "تفضل كهرباء العمل عن دماغها لفترة معينة".