فلسطين أون لاين

لماذا يغضب الجبير الله ثم الشعب؟!

لجبير، وزير خارجية المملكة السعودية، بلاد الحرمين الشريفين، ومركز الدولة الإسلامية الأولى، التي تكفلت بإجلاء اليهود عن الجزيرة العربية، يرى أن صفقة القرن التي تمخضت عن تل أبيب والبيت الأبيض، فيها جوانب إيجابية يمكن البناء عليها؟! وقد قرأت الشق السياسي من الرؤية الأميركية باحثا عما ذكره الجبير، فلم أجد فيها شيئا مفيدا للفلسطينيين، وما وجدته هو دفاع ديني وتاريخي عن حقوق اليهود في فلسطين، ودفاع عن مطالبهم الأمنية، وثناء على إدارتهم المسجد الأقصى، الذي لم أتمكن أنا من الصلاة فيه منذ أربعة عقود؟!
إذا كان هذا الموقف المداهن للعدو يصدر عن وزير خارجية الدولة العربية الإسلامية في المنطقة، وعن دولة هي صاحبة المبادرة العربية للسلام والتطبيع، والتي يجدر أن تكون تصريحات المسئولين فيها محسوبة بميزان دقيق، فماذا نقول في دول أخرى ليست في موقع القيادة لدول العالم الإسلامي؟! صفقة القرن لا تحمل إلا العداء والعدوان على الحقوق الفلسطينية، ولا تمنح الفلسطينيين حق تقرير المصير، ولا السيادة، وتخضع مستقبل الفلسطينيين لمفهوم الأمن القومي الإسرائيلي؟!

هل يقبل الجبير أن تقتطع دولة أجنبية جزءا من المملكة بقوة السلاح، ثم الاستيطان، ثم تشريع ذلك بصفقة أميركية؟! لا أحد في المملكة يمكن أن يقبل بإعادة خيبر إلى اليهود، فلماذا يقبل الجبير بضم (إسرائيل) للقدس، وبإشراف اليهود على المسجد الأقصى؟! أين الإيجابية التي يراها الجبير، بينما جامعة العرب على ضعفها وهزالها رفضت الصفقة.

الدبلوماسية الفلسطينية تقف في صف المملكة ظالمة ومظلومة، ولا تنصر على المملكة أحدًا، فلماذا تنصر الخارجية السعودية (أميركا وإسرائيل) علينا من خلال زعمها أن في صفقة القرن إيجابيات، وهي تعلم أن الصفقة لا ينظر لها كأجزاء، بل ككل مجتمع معًا، وهذا الكل المشوه عليه إجماع فلسطيني وعربي ودولي عدا أميركا أنه غير منصف للشعب الفلسطيني، وجل العالم يؤيد رفض الفلسطينيين له.

ماذا لو التزم الجبير بالموقف الفلسطيني، أو على الأقل صمت؟! لماذا هذا التدخل السلبي في الشأن الفلسطيني؟! لماذا يحرص الجبير على أن يبعث الحزن في النفس الفلسطينية، ويبعث الفرح في النفس الإسرائيلية الظالمة؟! إنه إذا كان يا سيادة الوزير حديثكم من فضة، فإن صمتكم من ذهب؟! لأن الصمت يدل على الاحترام، حين يكون النطق مشوَّهًا؟! إن من والى قومًا كان منهم، ونعوذ بالله من موالاة يهود، وإن في الدفاع عن وجودهم في فلسطين من خلال الصفقة أو غيرها هو موالاة لهم، عند الفقهاء؟! وليس للسياسة في هذا الباب مدخل غير مدخل العداء لهم، ومكافحتهم، كما كافحهم الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة.

قد يحسب بعضهم أنا نطلب من الجبير أن يجهز غزوة تستنقذ الأقصى، فهذا أمر لم يخطر على بالنا، لأن المملكة لا تستطيع ذلك، وإن الإرادة لا تتوفر في أي من العواصم العربية، وإنما نريد من الجبير وقف تدخله في الشأن الفلسطيني، ووقف إغرائه للشعب بإيجابيات كاذبة غير موجودة. وإذا صمت عما قاله، فإن الله لا يصمت على عدوان يهود، وعلينا جميعا أن نستحضر قول الحق: "وإن جندنا لهم الغالبون". وهذا يعني أن الهزيمة هي ما ينتظر يهود في فلسطين.

المصدر / فلسطين أون لاين