ذكرت في المقالات التي غطت صفقة القرن، وآلية مواجهتها، أن القرار الفلسطيني يحتاج إلى نية صادقة، وإرادة وطنية صلبة تتحمل التبعات، ودون توفر النية والإرادة لن تكون هناك مواجهة، وسيبقى الفلسطينيون يدورون في فلك الرفض والشجب، ومناورة القيادة على الشعب، وامتصاص غضبه.
يبدو أن قيادة السلطة لم تعد تخشى الشعب، وهي بالطبع لا تخشى رفض الفصائل لسياستها، ويبدو أنها ليست صادقة في توفير آليات فلسطينية جماعية وتشاركية لمقاومة صفقة القرن، فعلى سبيل إيراد الدليل نقول إن حركة الجهاد وحماس انتقدتا عرقلة حركة فتح والسلطة تشكيل لجنة وطنية عليا لمقاومة الصفقة؟! ولست أدري ما السبب الحقيقي الذي يقف خلف هذا التعطيل المتعمد؟!
الدليل الثاني أن قيادة السلطة ما زالت تدعم لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي رغم صفقة القرن وتداعياتها، وقد سمحت لكل من : أشرف العجرمي، وزير الأسرى سابقا، وفتحي أبو مغلي وزير الصحة سابقا، وحسين الأعرج رئيس ديوان الرئاسة، وحمد الله حمدالله رئيس بلدية عنبتا، ومنيف طريش عضو بلدية البيرة، و إلياس الزنانيري نائب رئيس لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي. لحضور اجتماع برلمان السلام الصهيون الذي أقيم يوم الجمعة في تل أبيب بين فلسطينيين وإسرائيليين.
قل لي بربك أخي هل هذه طريقة وطنية محترمة لمواجهة صفقة القرن وتداعياتها على القضية الفلسطينية؟! هل حضور وزراء السلطة لبرلمان السلام الصهيوني في تل أبيب بإذن من عباس، وبالذات في هذه الظروف التي تشهد حركات شعبية ووطنية فلسطينية وعربية لمقاومتها، هل هذا صواب، وسياسة مقبولة، أم خيانة وطنية، وطعن في الظهر، من أطراف محدودة العدد تبحث عن مصالح شخصية، وتزعم أن هناك فرقا بين حكومة العدو و الشعب الإسرائيلي؟!
هل لقاء عباس بأولمرت كان سنة عباسية دافعة لهؤلاء الوزراء، أم العكس هو الصحيح؟! لم تسجل أي حركة تحرر وطني في العالم مثل هذه الإجراءات والتصرفات المشوهة، التي قسمت الشعب اقساما، وتفسد وحدته ونضاله؟!
هل بات النفاق والمداهنة هما ما يقودان السياسة الفلسطينية في عهد عباس، الذي يكفر مقاومة شعبه، بينما يؤمن بجماعة السلام الصهيونية التي انقرضت وبقي منها نطيحة ومتردية لا أكثر؟! عباس يؤمن بشعب صهيوني ينتخب نتنياهو الذي يدوس حقوق الفلسطينيين بقدميه؟!
ربما سكت الشعب عن اتصال هذه الفئة المنحرفة قديما قبل الإعلان عن صفقة القرن، ولكن الشعب وفصائله الحية لم تسكت في هذه المرة بعد صفقة القرن، لأن هذه المشاركة تمثل طعنة في ظهر الشعب الذي يرفض الصفقة، ويسعى لتشكيل لجنة لمقاومتها؟! كيف يمكن لفتح أن تكون عضوا في لجنة مقاومة الصفقة والرئيس يوفر غطاء لهؤلاء ولجنتهم سيئة السمعة؟!
فلسطين تضيع من أيدي شعبها بعمل مناور، وجرائم منافق، ولجان صهيونية الهوى، تحمل أسماء فلسطينية، وتزعم أنها تكافح من أجل السلام والوطن؟! من لفلسطين؟!