بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، "الصفقة المزعومة" التي تعطي لدولة الاحتلال الإسرائيلي ما تبقى من فلسطين، بدأ الاحتلال بتطبيق بنود الصفقة من خلال إعلان وزارة الطاقة الاسرائيلية بناء شبكة كهربائية على الأراضي الفلسطينية مخصصة للمستوطنين.
وستقام هذه الشبكة الكهربائية فوق المستوطنات التي يعتبرها القانون الدولي بأنها مخالفة وغير قانونية كونها مقامة على أراضٍ محتلة.
وستكون هذه الشبكة مقدمة لبسط سيطرة الاحتلال الإسرائيلي بشكل تام داخل المستوطنات المقامة في مدن الضفة الغربية، من خلال إنشاء البنى التحتية لها، وجعلها كالمدن المحتلة.
عبد الهادي حنتش الباحث في شؤون الاستيطان، اعتبر عزم الاحتلال بناء شبكة كهرباء في مدن الضفة الغربية، ضمن خطته لتعزيز المستوطنات المخالفة للقانون الدولي، وتطويرها من خلال مدها ببنى تحتية، واعتبارها جزءًا لا يتجزأ من دولة الاحتلال.
يقول حنتش لصحيفة "فلسطين": "الاحتلال الإسرائيلي سيفرض سياسة الأمر الواقع من خلال بناء شبكة الكهرباء في مناطق المستوطنات بزعم مد الفلسطينيين بالكهرباء، ولكن هي ستخدم المستوطنات بالدرجة الأولى".
ويوضح حنتش أن الخطوة الإسرائيلية هدفها واضح وتأتي ضمن خطوات الضم التي أعلن عنها قادة الاحتلال، وضمن مخططات "صفقة القرن" التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي ترامب، ورئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو.
ويبين الباحث في شؤون الاستيطان، أن سلطات الاحتلال تريد بناء 300 كيلو متر مربع لشبكة الكهرباء، لإيصال الطاقة لجميع المستوطنات والبؤر في مدن الضفة الغربية المحتلة.
الخبير في الشأن الاقتصادي محمد أبو جياب، يرى أن المخطط الإسرائيلي لبناء شبكة كهربائية في الأراضي الفلسطينية، جزء من التطبيق الفعلي لسياسات الضم وممارسة السيادة الأمنية والاقتصادية على الاراضي الفلسطينية.
يقول أبو جياب لصحيفة "فلسطين": "ما تم الإعلان عنه من قبل سلطات الاحتلال يعد بداية خطيرة للاستعداد لبناء بني تحتية على المستوى المدني والصناعي في المناطق التي يراد ضمها لدولة الاحتلال".
ويضيف أبو جياب: "الخطوة الإسرائيلية هي جزء من تطبيق واقع بعيد عن المستقبل في المستوى السياسي، وجزء من صفقة القرن الأمريكية وتداعياتها الفعلية، وضرب من ضروب الجنون، بأن الصفقة لن تطبق أو يكون لها رصيد ميداني".
وتعطي الخطوة الإسرائيلية العملية مؤشرات للتطبيق الأولي لـ"صفقة القرن"، رغم الاعتراضات الفلسطينية والعربية، وأن الصفقة سارية المفعول منذ سنوات طويلة.
وحول المطلوب فلسطينياً لمواجهة المخطط الإسرائيلي الجديد، يوضح الخبير الاقتصادي أن الاكتفاء بالتنديد والرفض الإعلامي والتعبير السياسي غير كافٍ على مستوى الفعل النضالي الفلسطيني، والمطلوب هو الممارسة الفعلية للتصدي لأي تطبيق للصفقة، والابتعاد على التنديد.
ويقول: "من الواضح أن سياسات السلطة في رفض الاستيطان وعدم قانونية بناء المستوطنات على المستوى الدولي لا يجدي نفعاً، كون صفقة القرن تؤشر إلى أن تلك المستوطنات مناطق إسرائيلية لا يمكن إزالتها كواقع موجود منذ سنوات".
بدورها، اعتبرت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية أن المخطط الإسرائيلي ببناء شبكة كهربائية في الأراضي الفلسطينية، ما هو إلا تكريس لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية ودعم الوجود الاستيطاني الغاشم على أراضينا.
وقالت سلطة الطاقة في بيان له: إن "إعلان وزارة الطاقة الاسرائيلية بناء شبكة كهربائية على الأراضي الفلسطينية، يخدم فقط المستوطنين، وتذرعها بأن هذا سيساعد على التخفيف من أزمة الكهرباء للمواطنين الفلسطينيين، مجرد وهم".
وذكّرت باختلاق سلطات الاحتلال العام الماضي أزمة الكهرباء في كافة المحافظات الفلسطينية، "مضيقة الخناق في جميع نواحي الحياة على شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية من خلال الانقطاعات المتكررة والمستمرة للتيار الكهربائي بحجة الديون أولا، وزيادة الأحمال ثانيا، ما أدى إلى إلحاق الضرر بكافة القطاعات خصوصا قطاعات الصحة والتعليم والصناعة، وتعقيد حياة الناس اليومية والإضرار بمصالحهم".
وقالت سلطة الطاقة: إن "السياسة التي عمل عليها الاحتلال من خلال خفض الاحمال وتقنين القدرة الكهربائية المزودة لشركات التوزيع الفلسطينية ضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقيات الموقعة، والمماطلة بتشغيل محطات التحويل الفلسطينية الجاهزة منذ عام 2016 لتهيئة الظروف المناسبة لتمرير هذا المخطط الكهربائي الاستيطاني الجديد، ما هي إلا محاولة مكشوفة لإقناع الشارع الفلسطيني للقبول بهذا المخطط الخطير وتسويقه كجزء من حل أزمة الكهرباء".
وأكدت رفضها القاطع لهذا المخطط الذي يهدف إلى تعزيز وجود المستوطنات، مشددة "سنقوم ببذل أقصى الجهود وعلى مختلف المستويات للوقوف ضد هذه الخطة، والاستمرار ببناء نظامنا الكهربائي الوطني، وتنفيذ برامج تطوير وبناء شبكات الكهرباء الفلسطينية للوصول إلى نظام كهربائي فلسطيني مستقل قادر على تلبية احتياجات جميع القطاعات وتنفيذ السياسات الحكومية في هذا المجال".