فلسطين أون لاين

​​​​​​​الفلسطينيون يتحلون بالوعي والإدراك

الاتصالات ومحاولات تجنيد العملاء.. ركض وراء "سراب"

...
غزة/ أدهم الشريف:

لم تدع مخابرات الاحتلال الإسرائيلي وسيلة لبث الشائعة واللعب بنفوس المواطنين الفلسطينيين، إلا ولجأت إليها، حتى أصبحت التكنولوجيا الحديثة مسرحًا وساحة واسعة تمارس فيها الحرب النفسية بأساليب مختلفة.

لكن درجة الوعي لدى المواطنين -وخاصة في قطاع غزة لظروفه الأمنية- تمثل حائط صد أمام ذلك.

وتسعى (إسرائيل) من استغلال التكنولوجيا ومحاولتها الاتصال بمواطنين فلسطينيين، إلى تجنيد عملاء لمصلحتها للحصول على معلومات عن المقاومة.

وبرز ذلك في محاولة مخابرات الاحتلال الإيقاع بأحد المواطنين وتجنيده لمصلحتها، أخيرًا، لكن درجة الوعي لديه دفعته إلى إبلاغ كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، التي أدارت عملية مطولة وكشفت عنها لاحقًا في فيلم وثائقي أسمته "سراب"، بُثَّ في كانون الأول (ديسمبر) 2019م.

وكانت العملية الأمنية التي كشفت عنها القسام مهمة، إذ إنها "نجحت فيها باستدراج العدو وكشف وإحباط مخططاته العملياتية ونياته الأمنية، في عملية خداع معقدة استمرت عامين كاملين، وأحدثت صدمة معنوية لضباط مخابراتِه وأوساطِه الأمنية والعسكرية، الذين سرعان ما اكتشفوا أنهم كانوا يلهثون خلف سراب"؛ وفق ما أعلنته القسام على موقعها الإلكتروني.

ويقول أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة الأقصى بغزة د. درداح الشاعر: "إن محاولات الاحتلال هذه تأتي في إطار الشائعة والحرب النفسية التي يمارسها على الشعب الفلسطيني، الذي لديه وعي وخبرة عالية في التعامل مع مواقف كهذه".

وخلال حديثه مع صحيفة "فلسطين" ينبّه الشاعر إلى أن أي محاولات للاتصال من أرقام غريبة غير مسجلة لدى مستخدم الهاتف النقال رجل أو سيدة فلسطينيين، يجب عدم الرد عليها أو التعاطي معها، إلا إذا كانت معروفة لديهم.

ويضيف: "إن الاحتلال الإسرائيلي يبحث عن فريسة بغض النظر عن موقعها مواطنًا بسيطًا أو أستاذًا جامعيًّا أو وزيرًا، وهو معني بأصحاب النفسية الضعيفة والمريضة أو ذوي الحاجة".

ويشدد على أن حاجة المواطن ليست مسوغًا للسقوط في وحل العمالة، التي لن يتقاضى أحدٌ منها سوى الفتات من الاحتلال، مقابل ارتكابه جريمة بحق وطنه.

ويصف من يعمل في هذا المجال بأن "منظومته القيمية الأخلاقية اهترأت وباع نفسه للشيطان، وأصبح لديه قابلية للتجاوب مع اتصالات مخابرات الاحتلال".

ويتابع أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة الأقصى بغزة: "لو كان حرًّا شريفًا ببساطة يستطيع الابتعاد عن هذه المصايد والمكائد".

ويكمل الشاعر: "يجب ألا نعلق دائمًا الأسباب على شماعة الحصار وضيق الحال، فلو كان ذلك سببًا في التعاون مع مخابرات الاحتلال، لكان هناك مليونا عميل (تعداد سكان قطاع غزة المحاصر منذ 14 سنة)!".

ويوصى بالتعامل بذكاء في حال تلقي اتصال من مخابرات الاحتلال، والتحلي باليقظة والوعي في التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة، تلافيًا لأي عمليات ابتزاز.

بدوره يقول الباحث المختص في أمن المعلومات المحاضر في كلية فلسطين التقنية فؤاد أبو عويمر: "إن اتصالات مخابرات الاحتلال تأتي ضمن نشاطها الاستخباري لجمع البيانات"، موجهًا نصيحة بعدم التعامل مع أي أرقام غريبة غير معروفة.

والأمر لا يقتصر على الاتصال على رقم الهاتف النقال الفلسطيني مباشرة، بل يشمل مواقع التواصل الاجتماعي وبعض تطبيقات التواصل، وفق ما يؤكده أبو عويمر لصحيفة "فلسطين".

ويضيف: "استخبارات الاحتلال ليس لديها عشوائية أو صدفة في عملها، وهي تراقب طبيعة استخدام الأشخاص للإنترنت، وحياتهم على موقع (فيس بوك) خصوصًا الذي باتت حياة كثيرين الشخصية معروضة عليه".

وبناءً على ذلك، تحلل شخصية الإنسان، وتعرف المشاكل التي لديه، مدخلًا تبدأ منه مخابرات الاحتلال التواصل معه.

ويتابع: "يبدأ الأمر بصداقة، وبعدها قد تتطور الأمور"، موجهًا نصيحته بالكف عن نشر تفاصيل حياة المستخدم نفسه، وعدم التعامل مع طلبات صداقة من أشخاص لا يعرفهم المستخدم، وعدم التعامل مع الرسائل المجهولة، خاصة التي تحتوي على روابط، تفاديًا لاختراق الهاتف النقال أو الحاسوب الشخصي".

وينبّه إلى أن ثغرات قد تكون غير معلومة لدى الشركات المسؤولة عن مواقع التواصل الاجتماعي نفسها، يستغلها "الهاكرز" لاختراق المواقع، مضيفًا: "ما بالك بأجهزة الاستخبارات التي لديها تقنيات اختراق عالية جدًّا؟!".

ويرجح أن استخبارات الاحتلال الإسرائيلي لها سيطرة قوية في مجال تكنولوجيا المعلومات باستخدام عمليات الاختراق، لذلك يوصي بالتعامل بحذر شديد مع تقنيات الهواتف الذكية.