قاعدة التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي أنه عدو لا يؤمن جانبه، وغادر ويرتكب الحماقات دون أي اعتبارات أو موازين، وهذه من المسلمات في الحكم على التهديدات التي تصدر عنه، وبنفس الوقت يستوجب أن توضع في ميزان الدراسة في ظل تجدد تهديدات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ضد غزة وكذلك وزير الجيش فنتالي بينت، خاصة بعد انتهاء زيارة الوفد الأمني المصري لغزة، الذي كان يسعى لتثبيت التفاهمات الأخيرة، التي تملص الاحتلال من تطبيق غالبيتها، مما زاد من التوتر وعودة العديد من الأدوات التي يستخدمها الشبان في مواجهة الاحتلال والضغط عليه.
وهنا يتضح العديد من الاعتبارات التي ينظر لها عند دراسة التهديدات، بحيث إنها ليست جديدة وهي متكررة ومتواصلة من قبل قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين، ولأنها تكررت كثيراً فأصبحت لا تثير الخوف أو الذعر لدى الفلسطينيين، وليس لديهم ما يخشونه في ظل استمرار الحصار وتملص الاحتلال من التفاهمات، والالتزام بها بشكل كامل، وتهرب الاحتلال من المسؤولية، وعدم احترام الدور المصري الذي يرعى التفاهمات التي تم التوصل لها في أكتوبر 2018، ولا زال الاحتلال يتهرب من الالتزام بتطبيق غالبيتها، والتي كان يفترض أن يقدم مزيدًا من التسهيلات في ذلك، لكنه لم يلتزم.
الانتخابات عنصر مهم في التهديدات التي تصدر كجزء من الدعاية الحزبية الانتخابية الإسرائيلية، وكذلك الضغط الذي تمارسه الفصائل على الاحتلال، للالتزام بالتفاهمات، وأن البالونات أصبحت ذات تأثير على سكان المستوطنات المحيطة بغزة.
مستوى التهديدات المرتفع هذه المرة واستمرارها، يستوجب الحذر، لكن الذهاب إلى مواجهة كبيرة وشاملة عبر تنفيذ عمليات اغتيال لقادة فلسطينيين، قد يكون غير حاضر حاليًا، لأنه سيجلب حربًا كبيرة وواسعة، وهذا ما يخشاه الاحتلال في هذه المرحلة، لكنه يبقى خيارًا حاضرًا عند نتنياهو لإنقاذ نفسه في الانتخابات القادمة، أو حصل على موافقة من الجيش لذلك والقدرة على دفع الثمن لذلك، لكن ما يحققه نتنياهو دون الحرب على صعيد التطبيع وصفقة القرن يخدمه كثيراً دون الذهاب لحرب احتمالية خسارته فيها كبيرة، لكن بكل الأحوال يستوجب الحذر الشديد من كيان مسكون بالخوف والغدر والتلذذ بالدماء.