دخلت أمس حيز التنفيذ خطة الجيش الخماسية والمسماة "خطة تنوفا" التي قدمها رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي قبل عدة أشهر، وتشمل إقامة هيئة خاصة متخصصة بالموضوع الإيراني يرأسها جنرال، وإقامة فرقة جديدة وإغلاق لواء دبابات وشراء 150 دبابة جديدة وإنشاء سربين من الطائرات الحربية إضافية حتى نهاية العقد الحالي، إضافة الى شراء منظومات دفاعية جوية إضافية.
وفي قلب الخطة زيادة قدرات الجيش على "القتل"، وفق نص الخطة التي نشرت وسائل الاعلام الاسرائيلية مقاطع منها أمس الأول، زيادة القدرة على "القتل" من حيث الحجم والدقة، فالقتل هو الهدف وليس مجرد تحييد العدو بإصابته أو شلّ حركته أو اعتقاله، وبذا انتقل الجيش إلى مرحلة الاعلان والتباهي وإماطة اللثام -ويبدو لينال إعجاب الجماهير الاسرائيلية الآخذة في التطرف وعشق الدماء- عما كان يفعله بالفلسطينيين منذ عشرات السنين، أما الدقة فما هي إلا للتزيين وإبعاد الملاحقات القضائية ضد جنوده وضباطه.
لقد وضعت الخطة نخبة القسام على رأس قائمة التهديدات المستهدفة في أي حرب قادمة، وقد يكون ذلك إشارة واضحة بأن بداية الحرب المفاجئة القادمة ضد غزة -إن حدثت– فسوف تبدأ بضربة صاعقة ضد مواقع قوات النخبة القسامية، وعليه فإن من الواضح أيضا أن التركيز في المتابعة الاستخباراتية كان وما زال وسيكون بالدرجة الأولى على جمع معلومات ومحاولة اختراق قوات النخبة لاستهدافها، فهل هي "المفاجأة" التي وعد نتنياهو بها حماس قبل أيام؟
كما حددت الخطة ساحتين أساسيتين للمعركة، أما الأولى فهي الشمال في مواجهة حزب الله وقوات الرضوان الخاصة به، والثانية فهي غزة وعلى رأسها قوات النخبة، ولا يعني ذلك أن المنطقة أمام حرب وشيكة إنما هو الاستعداد المستمر لأي طارئ، فـ(إسرائيل) ما تزال ترى في الحرب الواسعة في الشمال أو الجنوب تهديداً لأمنها القومي، بل لقد نصت الخطة على وجوب منع استمرار المعركة لأيام طويلة، والعمل على إجبار حماس أو حزب الله وبسبب القتل المكثف لعناصرهما على طلب وقف سريع لإطلاق النار.
وقد تكون خشية (إسرائيل) الكبرى تكمن في تدهور الأوضاع نتيجة لنشاطات حربها المسماة "مبم" أي المعركة بين الحروب، والتي كان آخر معالمها ضربات جوية وتحركات الوحدات الخاصة الاسرائيلية في سوريا والشمال وحتى في قطاع غزة، والتي تهدف الى منع تعاظم قدرات أعدائها من أبناء المقاومة.
تضمنت الخطة أيضا تزويد الجيش بوسائل قتالية جديدة كالصواريخ المحمولة على الكتف والحوامات الانتحارية وتعزيز قدرات التواصل والاتصال بين القوات في ميدان القتال برفع مستوى التنسيق والفاعلية وكذلك زيادة القدرة على اكتشاف العدو، ولمعالجة مشكلة القوى البشرية طرحت الخطة تنازلا من الجيش في شروطه المشددة التي يضعها لبعض أنواع التجنيد والقبول بتجنيد أشخاص أقل كفاءة للعمل في مجالات لا تحتاج كفاءة عالية كتشغيل القبة الحديدية.
لقد اعترف رئيس اركان جيش الاحتلال كوخافي بنفسه أثناء عرضه خطته "تنوفا " بتقدم قدرات كتائب عز الدين القسام، حين قال بتقلص الفجوات بين الجيش الاسرائيلي وأعدائه في الشمال والجنوب، مؤكداً على ضرورة العودة لزيادة الفجوات والقدرات بين الأطراف.
وحتى تبقى الأمور في سياقها ومع التأكيد على قدرات القسام في تطوير نفسه، إلا أن لخطة كوخافي مآرب أخرى تسعى من خلال تأكيدها هذا الجانب وتعظيمها التهديدات وهي مآرب أمنية وسياسية واقتصادية، أما الأمنية فهي للتحفيز والجاهزية المستمرة، وأما السياسية فلتبرير وتشريع أعمال القتل الواسع المتوقع في الحروب القادمة من جهة ولكسب تأييد الرأي العام في (إسرائيل) من جهة، وأما الاقتصادية فلحصد المزيد من الميزانيات وهي لعبة الجيش التقليدية منذ سنوات طويلة.