فلسطين أون لاين

كل شيء تغير، ولا شيء عندنا يتغير؟!

ماذا تغير فلسطينيا وعربيا بعد إعلان صفقة القرن؟! أعلن ترامب صفقته أو قل رؤيته ورؤية نتنياهو للحل النهائي للصراع، واستمع محمود عباس وحاشيته، وقادة العرب، لما تمّ إعلانه، فماذا تغيّر بعد الإعلان؟! إذا أردت الإجابة الدقيقة فيجدر بك تقسيم الأطراف، وأخذهم طرفا طرفا.
ففي الطرف الصهيوني، تغير كل شيء تقريبا، فلا مفاوضات بعد الآن إلا على قاعدة تنفيذ خطة ترامب ورؤيته. ماتت أوسلو. وماتت قضايا الحل النهائي. وماتت قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومات حلّ الدولتين على حدود ١٩٦٧م. وتستعد دولة العدو لإجراء عمليات ضم واسعة النطاق في منطقة C والأغوار بناء على رؤية ترامب. (إسرائيل) تمتلك الآن فرصة جيدة للتغيير، وفرض الأمر الواقع والسيادة على الأرض. كل المعادلات والمفاهيم القديمة تراجعت الآن في دولة الاحتلال لصالح صفقة القرن.
في الطرف الفلسطيني لا تكاد تجد شيئا قد تغير، فما زالت السلطة تسير على الطريق نفسه الذي كان قبل إعلان الصفقة. الرفض الإعلامي، مع بقاء التنسيق الأمني هو هو. وقمع المقاومة هو هو. والتمسك بخيار المفاوضات هو هو. مع مطالبة فاشلة برعاية دولية؟! ثم إن الافتخار باتفاق أوسلو هو هو، رغم الكوارث التي جلبها أوسلو للقضية. الانقسام الفلسطيني هو هو. كل شيء كان قبل إعلان الصفقة فلسطينيا، ما زال قائما على حاله بغير تغيير. هذه المواقف السلبية الثابتة تعطي مؤشرا على أن السلطة فاقدة لخيارات التغيير. أو قل فاقدة لإرادة التغيير، ومن ثمة يمكن القول بأن كل حديث للسلطة عن مواجهة صفقة القرن هو حديث عاجز، أو إعلامي يدافع عن نفسه؟!
كيف لا يحدث في سياسة السلطة أدنى تغيير عملياتي يمكن الإشارة إلية والناس تجمع أن ما حدث بإعلان الصفقة على هذا النحو هو بمثابة زلزال كبير، أو بمثابة نكبة ثالثة تكتمل بها نكبة فلسطين الأولى؟! إذا كنا لا نمتلك خيارات واسعة، فعلى الأقل يجدر أن نملك إرادات كبيرة لمواجهة مؤامرة التصفية هذه.
وإذا كانت الصفقة لم تغيير شيئا حتى الآن في سياسة عباس والسلطة، فهي أيضا لم تغير شيئا في سياسة الأنظمة العربية، ولا في موقف الجامعة العربية، وما زال القادة العرب يسيرون على الطريق نفسه الذي كان قبل إعلان الصفقة. القادة العرب كالقادة الفلسطينيين لا يملكون إرادة التغيير، لأن بعضهم هو جزء داعم لإعلان الصفقة.
كل شيء في طرف العدو وأميركا يتغير لخدمة صفقة القرن وضمان تنفيذها، ولا شيء يكد يحدث فلسطينيا وعربيا في مواجهة صفقة القرن، وضمان عدم تنفيذها. العدو يسابق الزمن للتنفيذ، ونحن نقف على الرصيف نتفرج، ونعد الشعب بأن الصفقة لن تمرّ، ولا نقدم للشعب برنامجا واضحا يمنع مرورها، ويعرقل إجراءات تنفيذها. هل يمكن منع سياسة دولة عظمى، ودولة احتلال من النفاذ بدون إجراءات ميدانية قادرة على تحقيق هذا المنع؟!