فلسطين أون لاين

هل كل عروض السلع الاستهلاكية "فرصة"؟

...
غزة/ أسماء صرصور:

يعرض أحد محال البقالة سبع علب من الجبنة البيضاء مقابل عشرة شواقل فقط، وفي محل آخر علب الفول عليها عرض، والقشطة والحليب السائل وحبوب الإفطار (الكورن فليكس)، وغيرها من السلع الاستهلاكية الغذائية.

عوامل كثيرة تقف وراء العروض التجارية على السلع الغذائية، قد يكون أحدها حاجة التجار للسيولة النقدية في إثر قلة الحركة الشرائية الناتجة عن تردي الأحوال الاقتصادية في قطاع غزة، بسبب حصار الاحتلال الإسرائيلي له، وخصومات السلطة من الرواتب أو قطعها.

أم بلال صلاح تشير إلى أنها تقبل على شراء السلع الغذائية التي تندرج تحت العروض، فهي مفيدة جدًّا لها ولأسرتها المكونة من خمسة وعشرين فردًا من أولاد وأحفاد، موضحة أن زوجها تقاعد من عمله وراتب ما بعد المعاش لا يفي بكل متطلبات العائلة، ورواتب أبنائها لا تكاد توفر لهم الحد الأدنى بسبب أزمات الرواتب المتتالية.

في المقابل أبو أحمد مطر لا يرى أن عائلته تستفيد جيدًا من كل هذه العروض، فعائلته مكونة منه ومن زوجته وابنهما الرضيع، مشيرًا إلى أنه لا يستطيع -مثلاً- شراء سبع علب من الفول لأنه سيحتاج إلى وقت لتصريفها.

في السياق ذاته يقول المحلل الاقتصادي معين رجب: "إن المستهلك هو صاحب القرار الأول للاستفادة من العروض التجارية، وهو ليس مجبرًا أبدًا على الانجرار وراء كل ما يعرضه أي تاجر، إن لم يكن يناسب ميزانيته الخاصة، واحتياجاته المنزلية".

ويبين رجب لصحيفة "فلسطين" أن كل تاجر يحرص على عرض بضاعته وجلب الجمهور إليها فنًّا من فنون التسويق في محاولة لبيع ما لديه للناس، مشددًا على أن هذه الآليات كلها لابد أن تخضع لرقابة صارمة من وزارة الاقتصاد الوطني لحماية المستهلك من الغش في البضاعة، أو سوء التخزين، أو التلاعب في تاريخ الإنتاج.

ويوضح المحلل الاقتصادي أن المستهلك إن أراد الاستفادة من السعر المخفض لإحدى السلع يمكنه بالاتفاق مع التاجر أن يشتري ما يسد حاجته، كأن يشتري نصف الكمية المعروضة مقابل نصف سعر العرض، وهكذا يستفيد الطرفان: المستهلك بشراء ما يريد، والتاجر بتصريف بضاعته.

بدوره يشير الناطق باسم وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني عبد الفتاح أبو موسى إلى أن الوضع الاقتصادي الذي يمر به قطاع غزة، وحالة الركود الشرائي، وعدم إدخال البضائع، وتوقف الإنتاج، وأزمة الرواتب كلها عوامل أثرت تأثيرًا كبيرًا على السيولة في القطاع.

ويتابع أبو موسى لصحيفة "فلسطين": "سبّب ذلك وجود كثرة في العرض، وقلة في الطلب، خاصة في المنتجات الغذائية، ما يحدو بالتجار إلى عمل عروض على البضاعة، لتصريفها وتحصيل جزء من رأس المال".

ويلفت إلى أن هناك تجارًا يبيعون البضاعة برأس المال، وهناك من يبيعها بأقل، ليحصل بعض السيولة؛ لأن كثيرًا من التجار أعيدت لهم شيكات، وهددوا بالحبس، كل هذه المشاكل تندرج في هذا الموضوع.

والأمر الآخر –كما يقول أبو موسى- أن هناك بعض المواد تكون قاربت انتهاء الصلاحية، لذلك يعمل عليها عروض، ليحصل جزء من رأس المال قبل انتهاء الصلاحية، ثم وزارة الاقتصاد الوطني تقوم بالمقتضى المهني بهذا الأمر، بإتلاف البضائع غير الصالحة.

ويشدد على أن وزارة الاقتصاد تقف بالمرصاد للحفاظ على جودة البضائع، فهناك حلقتان من الرقابة: واحدة في حاجز كرم أبو سالم، وهناك يفحصون مدى مطابقة البضاعة للمواصفات الفلسطينية، ويجب أن يكون متبقيًا ثلثا مدة الصلاحية، وتعاين باقي المواصفات، وتحرر محاضر ضبط وتحفظ، وفي بعض الأحيان ظاهريًّا تكون البضاعة فيها مشاكل، فتتلف، ثم في الوزارة تفحص البضاعة وعينات منها.

ويلفت الناطق باسم وزارة الاقتصاد إلى أن الرقابة الثانية هي الطواقم التفتيشية المنتشرة في المحافظات في دائرة حماية المستهلك، ويفتشون على البضائع في كل المستهلكات الغذائية، فإذا وجدوا فسادًا أو انتهاءً للصلاحية تتلف وتعمل محاضر ضبط.

وينبه إلى أن العروض لا شأن للوزارة فيها، فجميع التجار يعلمون أن الوزارة تفتش يوميًّا على البضائع ومدى صلاحية المنتج الغذائي تحديدًا، مشيرًا إلى أن صلاحية المنتج تنتهي في اليوم الأخير من تاريخ الصلاحية، لكن لا عذر للتاجر أن يكون هناك منتج انتهت صلاحيته -ولو يومًا واحدًا فقط- وما يزال معروضًا لديه.