فلسطين أون لاين

تقرير غور الأردن.. "السلة الغذائية" للضفة بيد الاحتلال

...
غزة/ نور الدين صالح:

منذ سنوات طويلة تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي بسط سيطرتها الكاملة على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت، باعتبارها من أكثر المناطق الفلسطينية حيوية وإستراتيجية، وتُشكِّل مصدرًا مهمًّا في حياة الفلسطينيين.

ويرى مراقبون أن صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التصفوية للقضية الفلسطينية، تمثل الضوء الأخضر للاحتلال لإحكام سيطرته المُطلقة على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت.

وتعد صفقة ترامب، الأغوار التي تُشكِّل أكثر من ربع مساحة الضفة الغربية، ما سمتها "منطقة "حاسمة للأمن القومي" للاحتلال الإسرائيلي، لذا وضعتها تحت سيطرته الكاملة.

وتؤيد الخطة قرار حكومة الاحتلال ما يسمى "ضم الأغوار"، في حين ترهن استمرار العمل في المشروعات الزراعية التي يسيطر عليها الفلسطينيون "بتراخيص أو عقود إيجار تمنحها (إسرائيل)".

ويؤكد خبراء في الشأن الاقتصادي أن سيطرة الاحتلال بشكل كامل على منطقة الأغوار وشمال البحر الميت، يشكّل "ضربة قاصمة" للاقتصاد الفلسطيني، ما ينعكس سلبًا على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

وتمتد الأغوار الفلسطينية، من بيسان جنوبًا حتى صفد شمالًا، ومن عين جدي حتى النقب جنوبًا، ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غربًا، وتبلغ المساحة الإجمالية للأغوار 720 ألف دونم، وفق وكالة "وفا" التابعة للسلطة.

ويبلغ عدد التجمعات الفلسطينية في منطقة الأغوار 27 تجمعًا ثابتًا على مساحة 10 آلاف دونم، وعشرات التجمعات الرعوية والبدوية. وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في منطقة الأغوار 280 ألف دونم؛ أي ما نسبته 38.8% من المساحة الكلية للأغوار؛ يستثمر الفلسطينيون منها 50 ألف دونم؛ في حين يستغل مستوطنون 27 ألف دونٍم من الأراضي الزراعية فيها.

وتسيطر سلطات الاحتلال على 400 ألف دونم بذريعة استخدامها مناطق عسكرية مغلقة؛ أي ما نسبته 55.5% من المساحة الكلية للأغوار؛ وتحظر على الفلسطينيين ممارسة أي نشاط زراعي أو عمراني أو أي نشاط آخر في هذه المناطق، وفق الوكالة نفسها.

وحتى سنة 2015، أقام الاحتلال على أراضي الأغوار 31 مستوطنة، يوجد فيها 8300 مستوطن، أقدمها مستوطنات "ميخولا" و"مسواه" و"يتاف"، التي أنشأها الاحتلال سنة 1969.

وتشير بيانات رسمية فلسطينية إلى أن الاحتلال هَجَّر ما يزيد على 50 ألفًا من سكان الأغوار منذ سنة 1967، إضافة إلى تجمعات سكانية كاملة بحجة إقامتهم في مناطق عسكرية، كأهالي خربة الحديدية في الأغوار الشمالية.

"سلة غذائية"

الأكاديمي والباحث في الشأن الاقتصادي د. سمير عبد الله، يقول: إن "منطقة غور الأردن تُشكّل السلة الغذائية للضفة الغربية المحتلة" حيث تشكّل 50% من إجمالي المساحات الزراعية في الضفة الغربية، وفيها ينتج 60% من إجمالي الخضراوات.

ويوضح عبد الله لصحيفة "فلسطين"، أن البحر الميت يُعد المصدر الأساسي لاستدامة الاقتصاد الفلسطيني، عادًا منطقة الأغوار والبحر الميت "أهم منطقة اقتصادية للفلسطينيين على الإطلاق".

ويبيّن أن إقصاء الفلسطينيين عن منطقة الأغوار يجعله أكثر اعتمادًا على الدول الخارجية، إضافة إلى عدم إمكانية تطويره بسبب القيود المفروضة من الاحتلال، على الاستيراد والتصدير وغيرها من القطاعات الحياتية.

ويذكر أن سلطات الاحتلال تحصل ما لا يقل عن مليار دولار سنويًا من الأملاح والمناطق الزراعية في الأغوار والبحر الميت، عدا عن أهمية البحر الميت العلاجية والسياحية وغيرها من المنافع.

ويؤكد عبدالله، أن صفقة ترامب "محاولة لفرض الأمر الواقع واستسلام الشعب الفلسطيني وتنكر لقضيته"، مشيرًا إلى أن سيطرة الاحتلال على الأغوار ستوقف فرص العمل للفلسطينيين، بفعل سياساته وستخفض التنافسية بين المنتجات الفلسطينية.

وهذا ما يذهب إليه أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية بنابلس د. نائل موسى، قائلًا: "إن ضم الأغوار يعني عزلها الكامل عن امتدادها الفلسطيني في الضفة الغربية، وطرد العائلات الفلسطينية صاحبة الأراضي والتي تتوارث وثائق ملكيتها".

ويذكر موسى لصحيفة "فلسطين"، أن منطقة الأغوار تضم أراضي زراعية خصبة وموارد اقتصادية مهمة تُغذي مدن الضفة المحتلة، إضافة إلى أنها تمثل حلقة ارتباط الفلسطينيين مع العالم الخارجي.

ويؤكد أن ما يسمى "ضم الأغوار" يمثل "بسط نظام من المعابر والحواجز يمنع دخول أي فلسطيني إليها، وهو ما سيُعوق التواصل الجغرافي للفلسطينيين مع العالم الخارجي".

من جانبه يوضح مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" سهيل خليلية، أن منطقة الأغوار تضم أراضي زراعية تصل إلى 88 ألف دونم، تشتمل على محاصيل زراعية والمياه وغيرها من المصادر.

ويؤكد خليلية لصحيفة "فلسطين"، أن إخضاع تلك المنطقة لسيطرة الاحتلال سيدفع بالاقتصاد الفلسطيني نحو الهاوية، ويكبده خسائر فادحة.

وبحسب تقديرات من البنك الدولي ذكرها خليلية، فإن الخسارات الاقتصادية للفلسطينيين جراء فقدان الأغوار والبحر الميت تتجاوز 2.4 مليار دولار في السنة.

وقسم  اتفاق أوسلو الموقع سنة 1993 بين منظمة والتحرير وسلطات الاحتلال، الأغوار إلى مناطق تخضع لسيطرة السلطة ومساحتها 85 كلم بنسبة 7.4% من مساحة الأغوار الكلية، ومناطق مشتركة بين السلطة والاحتلال ومساحتها 50 كلم بنسبة 4.3%، ومناطق تخضع لسيطرة الاحتلال الكاملة ومساحتها 1155 كلم، وتشكل الغالبية العظمى من منطقة الأغوار (بنسبة 88.3%).

وفي 28 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، خطته لتصفية القضية الفلسطينية، وذلك بعد عقد مؤتمر البحرين في يونيو/حزيران 2019، الذي وصف بأنه الشق الاقتصادي لصفقة ترامب التصفوية.