قائمة الموقع

استثمارات "صفقة ترامب" المزعومة.. "تحايل" بثوب جديد!

2020-02-09T09:30:00+02:00

يروج صانعو صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التصفوية للقضية الفلسطينية، إلى مزاعم فتح آفاق اقتصادية للفلسطينيين، وجذب الاستثمارات العربية والدولية لإحداث انتعاش غير مسبوق، بل يعزز هؤلاء مقصدهم بنشر خرائط ومخططات لإقامة مناطق صناعية وتجارية بملايين الدولارات فيما يسمونها "الدولة الفلسطينية المستقبلية".

هذا الترويج ينظر إليه اختصاصيون اقتصاديون على أنه "خدعة"، ومن أساليب التحايل الاقتصادية التي مورست سابقًا على الفلسطينيين، لتمرير أجندات سياسية، والبرهان الأكبر لديهم "اتفاق باريس" الذي أقنع واضعوه السلطة بأنها ستكون "متحررة" اقتصاديًّا، بيد أنها في الواقع "مكبلة" والكلمة الفصل للاحتلال، ويساق على ذلك تفاهمات ومؤتمرات اقتصادية تشجيعية وداعمة للفلسطينيين باءت بالفشل.

وعد الاقتصاديون الأحاديث المنقولة عن استثمارات ضخمة يمكن تجنيدها للفلسطينيين في ظل غطاء صفقة ترامب، ما هي إلا "وهـم"، ينبغي للفلسطيني بمختلف المستويات عدم التعويل على ذلك، والاعتماد على أنفسهم و"الشريان العربي الصادق" في تمكين اقتصادهم.

ويؤكد الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة أن الاحتلال الإسرائيلي يدرك جيدًا أن الفلسطينيين بإمكانهم إدارة أنفسهم اقتصاديًّا إذا ما توافرت لهم البيئة المناسبة، ويعني ذلك الانعتاق من هيمنة الاحتلال، لذلك نجد أن الأخير -لكي يبقي يده العليا-، يعمد إلى ربط أي جهود عربية أو دولية لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني بموافقة منه، فإن وجد أنها تبقي هيمنته عليه يبدي الموافقة والعكس تمامًا.

ويعرب دراغمة عن أسفه، في حديث مع صحيفة "فلسطين"، لكون السلطة في رام الله غير قادرة على إحداث أي تعديل على بنود اتفاق باريس الاقتصادي الذي أبرم سنة 1994 برعاية دولية، واصفًا إياه بـ"الاتفاق المشؤوم" الذي جعل الاقتصاد الفلسطيني هشًّا، واستهلاكيًّا، وقائمًا على الخدمات، وينتظر المساعدات الدولية وخاضعًا لقرصنة الاحتلال لأموال المقاصة بين الفينة والأخرى.

ويذكر دراغمة أن ما تحمله ترامب التصفوية من إنشاء مناطق صناعية وتجارية للفلسطينين، تعطي الوصاية الدولية عليها، كما أن توزيعها الجغرافي يجعلها معرضة للعزلة عن تواصلها مع المناطق الفلسطينية الأخرى لأي حدث أمني لا يروق للاحتلال.

ويقول دراغمة: "إن الاحتلال يحاول إقناع العالم بأن الفلسطينيين غير قادرين على إدارة اقتصادهم بأنفسهم، وأنهم يحتاجون إلى من يدير أمورهم الاقتصادية في تلك المشاريع المزعوم إنشاؤها، وفي ذلك مساعٍ صريحة لنهب الأموال المجندة لخدمة تلك المشاريع عبر هؤلاء المشغلين، كما يحدث حاليًا في مؤسسات دولية عاملة في الضفة والقطاع، حيث إن أموالًا كبيرة تنفق لمصلحة الرواتب العليا لمسؤولي تلك المؤسسات الدولية، والنفقات المرتفعة، على حساب المشاريع التي يحتاج إليها الفلسطيني اللاجئ والمحاصر"؛ وفق تعبيره.

"قروض مرهقة"

من جهته يؤكد الاختصاصي الاقتصادي د. نصر عبد الكريم أن صفقة ترامب تروج لـ"كيان سياسي فلسطيني حيزه الاقتصادي قليل وضعيف، بعد أن تخضعه لاختبارات، وتضع له عدة شروط لتنفيذها، وقروضًا مرهقة وتطلب منه سدادها لاحقًا، بهدف أن توقعه في مصيبة اقتصادية".

ويقول عبد الكريم لصحيفة "فلسطين": إن جزئية المساعدات الاقتصادية الـ50 مليار دولار التي أقرتها صفقة ترامب، لن تكون دفعة واحدة، بل تقدم خلال 10 سنوات بمعدل خمسة مليارات كل عام، وهي مقسمة، القسم الأول يبلغ 10 مليارات مخصصة لاستثمارات خاصة لن تستفيد الدول منها، والقسم الآخر 40 مليارًا موزعة بين مصر والأردن ولبنان والفلسطينيين، الذين يزعم ترامب أن لهم حوالي 27 مليار دولار، مقسمة كالآتي: 12 مليار دولار مساعدات ومنح على مدار عشر سنوات، و15 مليارًا قروض ميسرة.

ويؤكد عبد الكريم أن صفقة ترامب تروج لتقديم "مكاسب اقتصادية" مزعومة، مقابل تنازلات سياسية فلسطينية، وهو مرفوض لأن المطلوب اقتصاد مبني على حقوق سياسية ثابتة محددة تستجيب للحقوق الفلسطينية.

وينبه إلى أن ترامب، يسعى لإزالة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لتصفية حق العودة وقضية اللاجئين.

ويؤكد أن الاحتلال يقدم للفلسطينيين الفتات في صفقة ترامب، وهو يرنو إلى وضع اليد على مصادر الثروات الطبيعية في المنطقة كالبحر الميت والموارد المائية والغذائية.

وتتعرض السلطة في الوقت الراهن، لابتزاز من الممولين الدوليين، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، إذ انحسر الدعم الدولي لخزينة السلطة في السنوات الأخيرة، لا سيما بعد الخطوات التي اتخذتها إدارة ترامب بشأن تمويل السلطة منذ 2017.

كما أن متضرري قطاع غزة، ما زالوا ينتظرون إيفاء المانحين بالتعهدات المالية التي قطعوها على أنفسهم في مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار قطاع غزة، الذي عقد في أعقاب عدوان الاحتلال في 2014.

ودخلت منظمة التحرير في "مصيدة" التسوية مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع الكيان الصهيوني، عبر مؤتمر مدريد 1991 واتفاق أوسلو 1993. وشهد الواقع تقويض الحكم الذاتي للسلطة، وتشديد الخناق على الضفة والقطاع، وترويض السلطة عبر التحكم بالتدفقات المالية من خارج فلسطين، أو الإمساك بعوائد الجمارك والضرائب التي تُحصل من الشعب الفلسطيني.

 

اخبار ذات صلة