الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادي في السودان، يلتقي نتنياهو في عنتيبي في أوغندا، بعد أن أعلن ترامب عن صفقة القرن بيومين. اللقاء خطير، والتوقيت مهم. وعرّاب اللقاء أطراف قبضت يدها عن القضية الفلسطينية في الخارجية الإماراتية، والمملكة، ومصر، كما تتحدث وكالات الأنباء.
أنور قرقاش، وزير خارجية الإمارات، كان في زيارة للخرطوم قبل اللقاء بأيام. الإمارات لا تنكر علاقاتها السرية والعلنية مع (إسرائيل)، وكذا المملكة، ومصر، وهؤلاء يودون لو أن قادة العرب جميعا التقوا مع نتنياهو، حتى لا يكون أحدهما حجة على الآخر؟!
الدول الغارقة في عملية التطبيع المجانية، تعمل على جرّ بقية الدول العربية إلى التطبيع، ليكون جميعهم في الشر شرق، لذا تجدهم يحفرون لتونس والجزائر وغيرها، وفي هذه المرة تمكنوا من رقبة السودان، فذبحوا ماضيها وثورتها من الوريد إلى الوريد، تحت مظلة وعد برفع العقوبات الأميركية عن السودان. البرهان الذي تلقى في منصبه رئيسا لمجلس السيادة تأييدا مشروطا من الإمارات والمملكة، ينفذ بعض هذه الشروط من خلف ظهر الحكومة، والشعب السوداني، ويقفز عن تاريخ السودان القومي.
بومبيو وزير خارجية أميركا دعا البرهان لزيارة البيت الأبيض بعد لقاء الأخير مع نتنياهو في عنتيبي، مع وعد بدراسة رفع السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب؟! الوعد لا يعني الرفع المباشر، بل للوعد شروط إضافية السودان مضطر لقبولها، والعمل بموجبها، وهذا أمر يخص السودان، ولكن ما نرجوه من السودان ألّا يكون تطبيع علاقاته مع أميركا (وإسرائيل) على حساب القضية الفلسطينية، والحقوق الفلسطينية، وأن يحافظ قادة السودان الجدد على ميراث السودان في دعم القضية الفلسطينية، والامتناع عن التطبيع.
لقد أعطى البرهان نتنياهو جائزة سياسية كبيرة على مستوى الانتخابات الإسرائيلية، وعلى مستوى تأييد صفقة القرن، وقد عبّر نتنياهو عن فخره بعودة أفريقيا إلى أحضان (إسرائيل) بعيد اللقاء، فهل جيد للسودان أن تعود أفريقيا إلى ( إسرائيل) من خلال الخرطوم؟! إن استقالة مسئول الخارجية في المجلس السيادي احتجاجًا على الزيارة، وتنصل الحكومة منها، هو ما يمثل الروح القومية لشعب السودان. لذا كان تصرف البرهان حدثًا غريبًا ومستنكَرًا من الشعب السوداني.
إنّ حاجة السّودان لرفع العقوبات الأميركية أمر نعرفه، وكفاح السودان لرفع هذه العقوبات أمر نؤيده نحن الفلسطينيين، ولكن عقوبات أميركا التي فرضت على السودان كانت قرصنة أميركية، ولأسباب داخلية سودانية. لذا لا يجدر أن يكون ثمن رفعها هو خيانة القضية الفلسطينية، وتاريخ السودان العريق. إن من يحسب أن دخوله لتل أبيب، يعني دخوله التلقائي المباشر للبيت الأبيض، واهم، وقد قدمت السلطة الفلسطينية نموذجا فاشلا لهذا الدخول، وكذا كان دخول الإمارات وغيرها دخولًا فاشلًا. لذا نحن ننصح السودان بترك تل أبيب، والدخول للبيت الأبيض والعالم من خلال مصالحهم مع السودان.