تواصل الاحتلال الإسرائيلي محاولات بسط سيطرته على الأراضي الفلسطينية المحتلة مستغلاً بعض الدول العربية المجاورة لها كالأردن ووصايته الهاشمية على المسجد الأقصى المبارك، بمشاريع خصص لها مليارات الدولارات مقابل تخليه عن فلسطين، وفق مختصين أردنيين.
وستفتح صفقة ترامب التصفوية في حال تعاطت معها الحكومة الأردنية شهية التغول الأمريكي والإسرائيلي على المصالح الأردنية والعربية المجاورة للأراضي الفلسطينية والتحكم في سيادتها، حسب المختصَّين اللذين أكدا أن الأردن ملكا وحكومة وشعبا يقفون مع الشعب والحكومة الفلسطينية قلبا وقالبا في مواجهة الصفقة المزعومة.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء الثلاثاء الماضي عن خطة إدارته لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن"، حيث خصصت مشاريع لكل من الأردن ومصر ولبنان تحت بند "تعزيز التنمية الإقليمية والتكامل".
ابتزاز مالي
ورأى الكاتب والمحلل السياسي الأردني د. خالد عبيدات، أن أي تنازل من قبل الحكومة الأردنية للاحتلال وأمريكا أو التعاطي مع صفقة ترامب، سيجلب مزيدا من المخاطر والمخاوف السياسية للأردن والدول المجاورة للأراضي الفلسطينية.
وقال عبيدات لصحيفة "فلسطين": إن المخاطر الإسرائيلية والأمريكية تتمثل في ممارسة الضغط والابتزاز المالي على الحكومة الأردنية، مؤكدا أن الأردن يرفض الصفقة جملة وتفصيلا؛ لأنها مخالفة لجميع الأعراف والمواثيق الدولية.
وأضاف أن العناد الإسرائيلي والأمريكي محاولة لتهجير الفلسطينيين للضفة الغربية المحتلة وخارجها، ومواصلة المضايقات المالية على الأردن، لافتا إلى أن الحكومة والشعب الأردني سيقفان صامدين في مواجهتها.
وتابع أن الصفقة صدرت من رجلين معطوبين هما رئيس حكومة الاحتلال المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، الملاحق بتهم فساد ارتكبها، وترامب الملاحق من قبل الكونغرس الأمريكي ومجلس النواب الذي صوت مؤخرا بعزله.
واعتبر أن الموقف الأردني حريص على أنه لا حل مع الاحتلال وأمريكا إلا بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين إلى ديارهم وقراهم التي هجروا منها.
وأشار عبيدات إلى أن الشعب والحكومة الأردنية يقفون مع الشعب والحكومة الفلسطينية قلبًا وقالبًا في مواجهة الصفقة، لافتًا إلى أن الأردن يصد المواقف الداخلة وأية مخاطر يمكن أن تنتج داخل المجتمع والمجتمعات العربية للتعاطي مع الصفقة.
وعن المشاريع التي رصدتها الصفقة للأردن والدول العربية، قال: إنها وعود معسولة ولن ينفذ منها شيء، وهدفها جر الأردن وغيره للقبول بالصفقة، متوقعا ألا يتم ذلك. وأكد أن الأردن سيقف سدا منيعا من أجل القدس والوصايا الهاشمية على المسجد الأقصى.
وحدة الصف
وتوقع أستاذ التاريخ السياسي والمتخصص في تاريخ فلسطين والقضية الفلسطينية فارس الفايز, أن تؤثر صفقة ترامب على السياسات والمواقف الأردنية.
وقال الفايز لـ"فلسطين": إن الصفقة تفتح شهية التغول الأمريكي والإسرائيلي على المصالح الأردنية والتحكم بسيادتها، مشيرا إلى أن الأردن يسير بسياسة غامضة إلى حد ما رغم تصريحات أردنية بعدم القبول بالصفقة.
ولفت إلى أن الصفقة أعطت الأردن الولاية على الأماكن المقدسة الإسلامية وليس على القدس المسوّرة التي تشمل المقدسات الإسلامية والمسيحية، مؤكدا أن الأدن سيتأثر بالسلب أو بالإيجاب بما يدور في الأراضي الفلسطينية.
وذكر أن الحديث عن جمع مئات مليارات الدولارات للصفقة، وتخصيص 250 مليار دولار للأردن منها 80 مليارا للإنفاق على مشروعات البنية التحتية والاستثمار، و170 مليارا لتعويض اللاجئين وعدم إعادتهم لوطنهم، يدلل على محاولات أمريكا لجر الأردن للقبول بالصفقة من خلال إغرائه بالأموال.
واعتبر أن "الأردن وفلسطين توأم لا يمكن فصلهما لا جغرافيا أو ديمغرافيا أو عسكريا، فالترابط بينهما قوى ولا يمكن الفصل بينهما", لافتا إلى أن أمريكا تحاول لعب الدور النزيه في المنطقة خدمة لمصالحها.
ورأى أن الولايات الأمريكية وسيطا غير نزيه في كل قضايا العرب، وتتغول على كل من الأردن ومصر والسعودية وتواصل احتلال أجزاء كبيرة من الوطن العربي.
ولإفشال صفقة ترامب، حث الفايز على ضرورة توحيد الصف الداخلي الفلسطيني، ونبذ الخلافات التي أعطت الأعداء فرص ذهبية للقضاء على القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الصفقة لن تتم ما دام الرفض الفلسطيني والعربي قائما.