فلسطين أون لاين

صفقة القرن: جامعة العرب تكرر نفسها؟!

(٧)

اجتمعت جامعة الدول العربية السبت الأول من شباط ٢٠٢٠م، وكأنها لم تجتمع، فلا أحد في العالم اهتم باجتماعها، أو تابع كلمات أعضائها، وحتى وسائل الإعلام العربية لم تعتبر اجتماعها حدثا كبيرا، يجدر أن تقطع البرامج من أجله، لذا ذكرته خبرا باردا في وسائل الإعلام، كأي خبر آخر.

الجامعة اجتمعت لمناقشة الموقف العربي من صفقة القرن، وهو الموضوع الذي يعد فلسطينيا، وعربيا، وإسرائيليا، ودوليا الحدث الأكبر في مطلع القرن العشرين. أي الجامعة العتيدة تناقش حدثا كبيرا، وقضية كبيرة، ومع ذلك لم يلتفت إليها وإلى بيانها أحد تقريبا، وكأن الحدث نفسه تقزّم بتقزم الجامعة في أعين المستمعين والمشاهدين.

نعم، هناك أحداث تكبر بكبر الفاعل، وأحدث كبيرة تصغر بصغر الفاعل. والفاعل في جامعة العرب، لا وزن لهم بين الفاعلين في العالم. وهذا القول لا عدوان فيه على الجامعة، وأعضائها، بل هو وصف لها في واقعها المؤسف، وهو واقع صنعه قادة العرب، ولم يفرضه عليهم معتد خارجي؟!

ماذا قالت جامعة العرب في صفقة القرن؟! هل ما قالته يكافئ ما قرره ترامب ونتنياهو؟! بيان العرب قال نرفض الصفقة، ونتمسك بالمبادرة العربية للسلام؟!. ولم يتخذ قرارا واحدا في مواجهة قرارات ترامب ونتنياهو. لم تقل الجامعة ماذا ستفعل إذا طبق نتنياهو ما جاء في الصفقة، كضم المناطق مثلا؟! الجامعة لم تقل لعباس افعل كذا، أو كذا، والجامعة تدعم موقفك؟! عباس حين خاطب الدول مبديًا يأسه وضعفه، قال لا نريد منكم مواجهة ترامب، ولكن قول له نقبل بما يقبل به الفلسطينيون. ونرفض ما يرفضه الفلسطينيون، لا نريد أكثر من ذلك؟!

عباس، كغيره، يدرك أن أنظمة عربية معروفة خانت الموقف الفلسطيني، ووافقت على صفقة القرن بالحضور المباشر، أو بطرق غير مباشرة، وأعربت في رسائلها للترامب بعد الإعلان أنها تقدر الجهود الأمريكية للسلام في المنطقة.؟! نعم خرج عن الجامعة العربية بيان هزيل ضعيف، لم يعالج حضور دول صغيرة مزاد بيع فلسطين. ولم يقدم للفلسطينيين خطوة واحدة عملية في برنامج مواجهة الصفقة. العرب أعطوا فلسطين لسانهم وبلاغتهم، وأعطوا ترامب قلبهم ومواقفهم، وأموالهم، وخرجت فلسطين من المولد العربي الصفيق بلا حمص؟!

من جرأ العرب على بيع فلسطين عمليا، والمزايدة عليها كلاميا؟! إنه من افتخر بين القادة العرب بالعمل مع المخابرات الأمريكية، والمخابرات الإسرائيلية، وذكّر الإسرائيليين بأنه قدم لهم معلومات لم يقدمها أحد لهم من قبل، ولن يقدمها لهم أحد من بعد؟! هذا الذي افتخر بينهم في الجامعة بما هو جريمة متعمدة، هو الذي جرأهم على منافسته وسبقة في الحصول على رضا أمريكا وإسرائيل على حساب القدس، وجرأهم على حضور المزاد العلني للبيع القدس؟!

قال أحد الفيسبوكيين محقًّا: لو احتل الإخوان المسلمون القدس، لخرجت جامعة العرب بجيوش من أغلب الدول العربية لمحاربتهم فورا؟! الإخوان إرهابيون، والإسرائيليون محبوبون؟! أما أن تضم إسرائيل القدس، وتتجه للأغوار، فذلك لا عيب فيه ولا ضرر ولا إرهاب؟!