فلسطين أون لاين

صفقة القرن.. الحضور العربي ضرورة أم ولاء؟!

(٥)

حين حيّا ترامب نتنياهو، ومن أعدوا الصفقة، ومن حضر الإعلان من أعضاء الكونجرس، التفت إلى العرب، فحيا مندوب الإمارات ، والبحرين ، وعمان، لشجاعتهم وحضورهم حفل الإعلان، والذي هو بمثابة قبول من دولهم للصفقة.

بالطبع نحن نعلم أن قادة العرب منقسمون على أنفسهم غير مجتمعين على رأي واحد، رغم ادعائهم أنهم رعاة القضية الفلسطينية، وأنها قضيتهم الأولى، والتاريخية، فقسم منهم أعلنوا الموافقة عليها بحضورهم حفلة الإعلان. ومنهم من يوافق عليها دون حضور، وقد أعطوا الإدارة الأميركية وعدا بدعمها، والضغط على الفلسطينيين لقبولها، وهؤلاء لم يحضروا لدواعٍ داخلية، وحسابات شخصية. وقسم ثالث أبلغ سفارات بلادهم بعدم انتقاد الصفقة ،وأخذ موقف الحياد، وترك الكلام فيها لقادتهم. وقسم رابع يرفضها ، ولكن رفض سلبي، وغير معلن، خشية من مواجهة ضغوط أميركية. أما جامعة الدول العربية التي دعتها فلسطين لاجتماع طارئ، فأظنها ستقف خلف الموقف الفلسطيني في البيان الصادر عنها، مع إبقاء حق الدول في التصرف بحسب مصالحها مع أميركا.

أما الدول الإسلامية، فهي ليست أحسن حالا من الدول العربية، عدا إيران التي أعلنت عن رفضها، ولا أتوقع أن تتبنى منظمة التعاون الإسلامي موقفا راديكاليًّا رافضًا بشك قطعي للصفقة، هذا إذا تطوع رئيسها بدعوتها للانعقاد.

هل كان حضور عمان والبحرين والإمارات ضروريا؟! وهل ضروراته المحلية الخاصة بهم تبيح لهم أن يكون حضورهم على حساب الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني؟! هل أساء لهم الفلسطينيون حتى يقفوا إلى جانب نتنياهو وترامب في حفل الإعلان؟! هل جاء موقفهم موقف تشفٍّ بالفلسطينيين، أم إهمالًا لهم ولقضيته، أم أرادوا سبقًا سياسيًّا؟! ألا يذكرون موقفهم القومي من كامب ديفيد ومصر، في ذاك الزمن المراوغ ؟!

مصر والأردن اللتان وقعتا اتفاقية سلام مع (إسرائيل) لم تحضرا حفل التوقيع، وسبقتهم إلى العلن البحرين وعمان والإمارات، فلماذا حضرت هذه الدول الثلاثة ، واختفى بقية الموافقين من المشهد لاعتبارات الضرورة ؟! إنه إذا لم تخشَ هذه الدول الشعب، ولم تخشَ التاريخ، فهلا خشي قادتها الله وانتقامه، وهو العزيز ذو الانتقام؟!

ألم يفهموا عقيدة معنى قوله تعالى: "بشر المنافقين بأن لهم عذابًا أليمًا الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعًا". لا عزة لمسلم أو لدولة مسلمة، أو عربية، أو عربي، مع ترامب، وأميركا، أو مع يهود، أو مع نتنياهو. العزة فقط للمسلم مع الله، ومن عنده، ولا تبقى الدول والإمارات محصنة قابلة للعيش إلا بقضاء الله وأمره؟!

لم يكن حضور هذه الدول حضور ضرورة سياسية لا فكاك منها، بل كان حضورًا ذا دلالات أخرى، وصدق من قال إنما الأعمال بالنيات؟!