فلسطين أون لاين

أوشفيتز.. دين أم سياسة؟!

أوشفيتز معسكر للجيش في بولندا قيل إنه كان مكانا للمحرقة اليهودية في عهد النازي الألماني، قبل ثمانية عقود ونصف. وقيل إن النازي لم يقف عند حرق اليهود وحدهم، ولكنه حرق غيرهم، وقيل إن الحرق كان نابعا من شعور العظمة عند الطاغية، وقيل إن اليهود خانوا الرايخ الألماني وعملوا جواسيس للحلفاء، فوقع عليهم ما وقع من القتل والحرق.

هذه مقدمة لازمة، ولكنا لا نبحث في عملية القتل والإحراق، وهل كانت انتقاما، أو جنون عظمة، ولا نبحث في الأعداد، ولا في الأجناس، ولا في صدق الرواية ولا كذبها، ولكن نبحث في احتفالاتها بعد هذا الزمن الطويل، ومشاركة وفود من خمسين دولة، وذهاب أمين عام رابطة العالم الإسلام إلى أوشفتز للصلاة على يهود المحرقة، والدعاء لهم بالمغفرة، وتأكيد كارثة المحرقة؟!

محمد العيسى، وزير القضاء في السعودية سابقا، وأمين عام رابطة العالم الإسلامي، توجه من المملكة لأوشفتز على رأس وفد من كبار العلماء؟! لتقديم رحماته لقتلى يهود، في الهولكست، وبزعم أن الزيارة تمثل موقفا إسلاميا صافيا؟ ، وكان الرجل قد شارك في احتفالات المحرقة في أميركا من قبل.

حسنا، أنا أعرف أن احتفالات المحرقة سواء في أوشفتز، أو في (إسرائيل)، أو في أميركا، هي حدث سياسي، يحييه اليهود في العالم لخدمة قضيتهم السياسية، وبكاء ضحاياهم، وابتزاز تعويضات متتالية من ألمانيا، ولست أعلم أنها حدثا دينيا، أو مسألة لاهوتية، حتى كانت زيارة محمد العيسى، والصلاة جماعة في المكان، في أوشفيتز، واعتبار موقفه يمثل رابطة العالم الإسلامي، والإسلام؟! هذه المرة الأولى التي يتبرع فيها وزير مسلم، وأمين لأكبر تجمع إسلامي لاعتبار المحرقة دينا، يمكن الصلاة في موقعها ركعتين أو أكثر طلبا للمغفرة والرحمة؟! فهل هذا جائز؟! وهل للمملكة وللمسلمين مصلحة راجحة في تحويل الحدث السياسي، إلى حدث ديني؟!

خمسون وفدا، من خمسين دولة، وفدوا على دولة الاحتلال للاحتفال مع اليهود في منتدى المحرقة، بمنطق المشاركة السياسية، ولكن الوفد السعودي الإسلامي احتفل في أوشفتز على طريقته الخاصة بشكل ديني؟! بعضهم يتوقع أن يأتي الوفد في الأعوام القادمة للاحتفال مع اليهود في القدس المحتلة؟! ونرجوه إذا جاء إليهم أن يحتفل معهم سياسيا، لا دينيا، نزعا للخلاف الفقهي؟!.

ونحب أن نذكر أن في فلسطين، والضفة، وغزة، نصبا تذكارية لشهداء كل منطقة، ممن قتلتهم (إسرائيل)، وأحرقتهم طائراتها، فهلا جاء الأمين، الوزير، إلى هذه المناطق للصلاة على أرواح الشهداء بحسب تعاليم الإسلام، وهلا أدان المحرقة اليهودية للفلسطينيين؟! الأسئلة كثيرة، والإشارة تكفي ذا اللب الحصيف.