أبصر الدفاع المدني الفلسطيني النور قبل سنوات قليلة، بدعم وتمويل خاص من مؤسسات دولية خارجية، تقوم على أداء مهام إطفاء حرائق البيوت والمنشآت، والتدخّل عند اللزوم خلال الأحداث الأمنية وغيرها، وذلك في ظل تمنع الأجهزة اللبنانية عن التدخل لأداء هذه المهام واقتصار دورها على المناطق اللبنانية.
فكرة باتت اليوم ورغم الانجازات الملموسة على صعيد عملها، مهددة تمامًا بالتوقف عن العمل في ظل توقف المؤسسات الدولية عن تمويلها المالي لفرق الدفاع المدني وإمكانياته القائمة، ما دفع هذا الأمر المشرفين على الجهاز إلى رفع الصوت عالياً وتوجيه نداء إلى كلّ من يستطيع تقديم المساعدة ليتخطّى أزمته ويستمرّ في خدمة المجتمع.
وتتوزع ست فرق خاصة للدفاع المدني الفلسطيني داخل المخيمات، يعمل فيها 300 متطوع ومتطوعة، منهم 40 متطوعا في فرقة مخيم عين الحلوة والذي يعد الأكثر أهمية بينها كونها المخيم الأكبر من بين المخيمات والأكثر عددا للسكان.
وجاءت فكرة إنشاء فرق للدفاع المدني في مخيم عين الحلوة عام 2014، وقد شُكّل بالفعل الفوج الأول، والذي اعتمد رغم تعثر عمله مرارا على الدعم الخارجي.
يقول مدير الفرقة في مخيم (عين الحلوة)، تامر الخطيب، إنّ مشروع تمويل الجهاز من قبل مؤسسة "آرك" متوقف منذ 30 منذ يونيو/ حزيران الماضي، ويعمل الجهاز دون تمويل أو دعم من أي جهة أخرى كانت.
ويؤكد الخطيب لصحيفة "فلسطين"، أن مشاركة الجهاز باتت من "اللحم الحي"، وتمويل ذاتي، مضيفا: "وصل بنا الحال إلى أن نقع في الديون التي أخذناها لنضمن استمرار مهامنا". مؤكدًا أن الفرق حقيقية الآن تعيش على وقع تهديد حقيقي.
وفي مخيم عين الحلوة وفقا للخطيب سيارة اطفاء، جاءت من حملة تبرع المجتمع المحلي، ومعدات إسعاف أولي، وانقاذ، وإطفاء فردي، وسيارة اسعاف، و"توكتوك إطفائي" للدخول في الأزقة الضيقة للمخيم، وموتور سيكل.
وعالجت الفرقة في المخيم وحده، خلال العامين الماضيين 80 عملية إطفاء، و65 نشاطا اجتماعيا، تتعلق في توعية الجمهور، وتنفيذ الدورات، وتدريب اللاجئين في الأحياء، والجميع، ورش المبيدات، وتنظيف سوق الخضار.
وشاركت بفاعلية في إطفاء الحرائق التي اندلعت في أكثر من مكان في لبنان في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وكان لفوج عين الحلوة بصمة في ذلك إذ تمكّن من السيطرة على النيران في المناطق التي عمل بها.
ويشير الخطيب إلى أن توقف التمويل، والمسؤولية الملقاة على عاتق الفرقة، دفعا مسؤوليها للتوجه للجهات المسؤولة، كالسفارة الفلسطينية في بيروت، وقد وعدت الأخيرة دراسة طلبهم بدعم الفرقة لضمان استمرار عملها.
بدوره، يؤكد مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" في منطقة صور، محمود داود، أن الدفاع المدني حاجة فلسطينية ملحة لجميع المخيمات والتجمعات في لبنان.
ويضيف داود لصحيفة "فلسطين"، مساحة المخيمات الضيقة، واكتظاظ بالسكان، وما ينتج عبر الأعطال الكهربائية المتكررة، والعمار المهترئ والقديم وتراكم المنازل على بعضها، من تكرار الكوارث والحوادث، ارتبط بوجود حاجة ماسة لهذه الفرق.
ويؤكد أن فرق الدفاع المدني لم يقتصر دورها على إطفاء الحرائق، بل ساهم في النقل للمستشفيات، والقيام بأعمال الاسعاف الأولي لأهالي المخيم.
ونجحت الفرق في قضاء 90% من حاجات الناس في المخيمات، وفق ما يؤكده داود، وكانت تتدخل في أوقات الحريق والكوارث، بسرعة عالية، ونجحوا في اخماد عدد كبير منها، وتفادي حالات الموت والاصابة.
ويعبر داود عن أسفه لوقف تمويل هذه الفرق رغم الحاجة الماسة لها، معربا عن أمله أن تنجح خطوات تواصل الفرق مع الجهات المسؤولة، وإبداء بعض هذه الجهات تبنيها.