فلسطين أون لاين

الحصاد المر

بينما تعلن محكمة الجنايات الدولية أنها لن تحقق مع (إسرائيل) في ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة لأسباب شكلية في الطلب الذي قدمته بنسودا، وهو تجاوز كتاب الطلب عدد الصفحات المطلوبة، وعلى بنسودا التقدم بطلب جديد يلتزم بشروط المحكمة! بينما يجري هذا التملص من خلال الشكل والإجراءات القانونية، يعد غانتس ناخبيه بضم الأغوار وشمال البحر الميت لـ(إسرائيل) بعد الانتخابات، ويرد عليه نتنياهو بدعوته إلى التوافق معا وضمها الآن قبل الانتخابات، حيث يوجد إجماع أو شبه إجماع في الكنيست.

تشير بعض المصادر العبرية إلى أن فكرة ضم الأغوار كانت في الأساس من أزرق أبيض، وسرقها نتنياهو وسبقهم في الإعلان عنها. وهذا التأسيس، والسرقة، لا يعنيان الفلسطيني في شيء، وما يعنيه هو أن هناك إجماعا إسرائيليا على فرض السيادة الإسرائيلية على هذه المنطقة الواسعة والإستراتيجية لفلسطين والأردن. والضم يضر ضررا بالغا بمصالح الأردن، ومصالح فلسطين، ويعني أنه لا توجد أرض أو موضوعات يمكن التفاوض عليها. انتهى كل شيء في مشروع التفاوض، واتفاق أوسلو.

بينما تجري منافسة محتدمة على ضم الأغوار بين الحزبين الكبيرين، يقوم بينيت زعيم ائتلاف أحزاب اليمين الديني بإجراءات ضم مناطق C من أراضي الضفة الغربية من خلال قرارات عسكرية بصفته وزير الحرب المسؤول المباشر عن الضفة؟!

نحن فلسطينيا أمام هجمة استيطانية غير مسبوقة، وأمام عملية ضم واسعة لأراضي الضفة الغربية انطلاقا من إيمان يهودي بأن الضفة هي أرض إسرائيلية محررة من الاحتلال العربي في عام ١٩٦٧ م . إن النظرة الفلسطينية الرسمية إلى قرارات ودعاوى الضم، وفرض السيادة على أنها مزايدات انتخابية تتراجع بعد الانتخابات هي نظرة خطأ وساذجة، ويجدر أن تتخلى عنها السلطة، وأن تقدم للمواطن الفلسطيني الحلول التي تشرح له كيفية المواجهة لمنع ضم الأغوار وفرض السيادة . إن انتظار السلطة وكذا الفصائل الأخرى إلى ما بعد تحقق الضم، هو نوع من غياب المسؤولية، وخيانة الذات. نريد أن نفهم ماذا علينا أن نفعل إذا تم الضم؟ وماذا على السلطة أن تفعل؟! وماذا يمكن للأردن أن يفعل؟! هذه المواقف المبكرة والمعلنة إن لم تحبط الموقف الاستعماري الصهيوني، فهي تحضّر المواطنين للعمل والمواجهة. هل ستبقى السلطة قائمة؟! هل ستحل نفسها؟! هل سترفع يدها عن المقاومة؟! هل ستوقف التنسيق الأمني؟! هل ستقاوم فقط من خلال السياسة والإعلام والجمعية العامة للأمم المتحدة.!؟

إن الحالة الفلسطينية في مطلع عام ٢٠٢٠م ذاهبة باتجاه التعقيد، والضعف الذاتي، وفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية والقضاء على مشروع الدولة المستقلة، وحتى الدولة التابعة. في سنة ٢٠٢٠ م نحن أمام حصاد مر لاتفاقية أوسلو، وأمام ثورة فلسطينية كانت هي أغنى ثورات العصر الحديث في العالم، والأقل نجاحا في معالجة قضية التحرير.

متى يستيقظ الضمير؟ ومتى يستيقظ العقل على الحقيقة؟ ومتى يتفق الفلسطينيون على مشروع واحد، وآليات عمل مفيدة؟! متى، وألف متى تدور في النفس دوران الألم في الجسد؟! هل لكم جرأة القادة على الإجابة؟!

المصدر / فلسطين أون لاين